القسم الثامن والسبعون
الغزل
وهو من محاسن النظم ، والغزل التصابي ، والاشتهار بمودة النساء ، ولهذا قال بعضهم :
أيّام تدعونني الشيطان من غزل |
|
وكن يهوينني إذ كنت شيطانا |
واشتقاقه من الرقة لأن المتغزل يرقق ألفاظه حتى يستميل بها القلوب ويعدها للرسائل ، والوسائل بين المحب والمحبوب. وينبغي أن تكون ألفاظه مستعذبة ومعانيه ملهية مطربة. وينبغي أن يكثر فيه من ذكر الأجرع والحمى. ولعلع. والتقى. وطويلع. وقبا. والعقيق. وحاجز. والمنحنى وما أشبه من الألفاظ مثل ذكر المنازل التي تترشف ذكرها القلوب ، وتصبو إليها النفوس من غير أن تراها ، وكذلك يكثر فيه من ذكر الحنين والتشويق والتحزين. وقد يحتاج في بعض المواضع إلى ذكر الكرم والشجاعة والفصاحة والبراعة ليميل بذلك قلب المحبوب ، ويكون مدعاة إلى نيل المطلوب ألا ترى إلى قول بعض الشعراء :
يودّ بأن يمسي عليلا لعلّها |
|
إذا سمعت منه بشكوى تراسله |
ويهتزّ للمعروف في طلب العلى |
|
لتحمد يوما عند سلمى شمائله |
ـ ومثل قول المتنبي :
أيقنت أنّ سعيدا آخذ بدمي |
|
لمّا بصرت به بالرّمح معتقلا |