القسم الثالث والعشرون
في التقديم والتأخير. والكلام عليه من وجوه ثلاثة :
الاول : في ذكر المعنى الذي أتى به من أجله. الثاني : في هل هو من المجاز أم لا. الثالث : في أقسامه.
أما الاول : فإنهم أتوا به دلالة على تمكنهم في الفصاحة وملكتهم للكلام وتلعبهم به وتصرفهم فيه على حكم ما يختارونه وانقياده لهم لقوة ملكتهم فيه ، وفي معانيه ثقة بصفاء اذهانهم وغرضهم فيه أن يكون اللفظ وجيزا بليغا ، وله في النفوس حسن موقع وعذوبة مذاق.
وأما الثاني : فقد اختلف أرباب علم البيان فيه .. فقال قوم : هو من المجاز لأن فيه تقديم ما رتبته التأخير كالمنقول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل والمفعول به في نقل كل واحد منهما على رتبته وحقه .. وقال قوم : ليس هو من المجاز لأن المجاز نقل مما وضع له إلى ما لم يوضع له.
وأما الثالث : فقال علماء هذا الشأن اقسامه أربعة .. وقالوا التقديم والتأخير لا يخلو إما أن يكون موجبا لزيادة في المعنى أو لا يكون كذلك ، وإما أن يكون ما قدم الأولى به التقديم ، أو الأولى به التأخير ، أو يتكافأ الأمران فيه .. أما الاول فهو ما يلزم فيه زيادة معنى فلا يخلو إما أن يكون المقصود بتقديمه زيادة المعنى خاصة كقوله تعالى : ( إِيَّاكَ