القسم الثاني والستون
الحمد والشكر
وقد اختلف العلماء فيهما ، فقال قوم وهم الجمهور : الحمد هو ذكر ما في الانسان من المآثر الحسنة والصفات المستحسنة والشكر ثناء يقصد به مجازاة المنعم .. وقال بعض أهل العلم ان الحمد وصف الحلال كقول الخنساء أخت صخر :
وما بلغت كفّ امرئ متناولا |
|
من المجد إلاّ والّذي نلت أطول |
وما بلغ المهدون للناس مدحة |
|
وإن أطنبوا إلا التي فيك أفضل |
والشكر وصف الأفعال كقول الشاعر :
وانكم بقية حيّ قيس |
|
وهضبته التي فوق النصاب |
تبارون الرياح إذا تبارت |
|
وتمتنّون أفعال السحاب |
يذكرني مقامي في ذراكم |
|
مقامي أمس في ظلّ الشباب |
وقيل ان الحمد والشكر سواء. وقال أهل اللغة ـ حمدت الرجل ـ اذا شكرت له صنيعه ـ وأحمدته ـ إذا وجدته محمودا .. وقال ابن الانباري ـ حمد ـ مقلوب مدح ، وقد قيل كيف يكون الحمد والشكر سواء والحمد نقيضه الذم والشكر نقيضه الكفران ، والذي أختاره أن الحمد أعمّ من الشكر ، وانه قد يحمد الشخص على ما فيه من الأخلاق الجليلة والصفات الجميلة ، ويحمد على حسن خلقه من الصباحة والجمال