القسم السابع عشر
في الكناية. والكلام عليها من وجوه
الاول : في حدها. الثاني : في المعنى الذي أتى بها من أجله. الثالث : في أقسامها.
أما الاول : فقد قال علماء علم البيان إن الكناية هي اطلاق لفظ حسن يشير إلى معنى قبيح كقوله تعالى : ( وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها ) أراد بالارض الثانية نساءهم اللاتي كن محل وطئهم وجهة استمتاعهم .. ومنه قوله تعالى : ( وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ ) يريدون أنه يتغوّط فكنوا عن التغوّط بأكل الطعام لأنه سببه .. ومنه قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ ) كني بالرفث عن الحديث في الجماع وباللباس عن الوطء نفسه .. ومنه قوله تعالى : ( وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ ) أي هيأناها للولادة بعد الكبر. ومنه قوله تعالى : ( وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ ) أي حاضت .. قال بعض المتأخرين من الحذاق في هذا الفن الكناية في اللغة الستر ، وفي الصناعة أن تقصد مجازا بعيدا مناسبا للحقيقة مع ضمنه أي ارادتها واذا استعمل اللفظ في ذلك كان ضربا من الاستعارة وتقع الكناية في المفرد والمؤلف وسيأتي بيانه.