القسم الرابع عشر
التذييل والكلام عليه من وجوه
الأول : في حده ، والمعنى الذي أتى به من أجله. الثاني : في اشتقاقه. الثالث : في أقسامه.
أما الأول : فقال علماء علم البيان انه تذييل المتكلم كلامه بحرف أو جملة يحقق بها ما قبلها من الكلام ، وتلك الجملة على قسمين :قسم لا يزيد على المعنى الاول وإنما يؤتى به للتأكيد والتحقيق. وقسم يخرجه المتكلم مخرج المثل السائر ليحقق به ما قبله. مثال ما جاء من الكتاب العزيز متضمنا للقسمين معا قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ ) ففي الآية الكريمة تذييلان. أحدهما قوله تعالى ـ وعدا عليه حقا ـ فإن الكلام تم قبل ذلك ثم أتى سبحانه وتعالى بتلك الجملة ليحقق بها ما قبلها. والآخر قوله سبحانه ـ ومن أوفى بعهده من الله ـ فأخرج هذا مخرج المثل السائر ليحقق ما تقدم وهو تذييل ثان للتذييل الاول ، ومنه قوله عز وجل : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً ). وكقوله تعالى : ( ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ ) ومثله في القرآن كثير. ومثال ما جاء منه من السنة قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ « من همّ بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له