القسم الرابع والأربعون
الرجوع والاستدراك
وهو من أنواع الاعتراض ، ولكن علماء هذا الشأن أفردوا له بابا. وهو على قسمين .. الأول أن تذكر شيئا وترجع عنه كقولهم : والله ما معه من العقل شيء ، الاّ مقدار ما يوجب الحجة عليه كقول زهير :
قف بالدّيار التي لم يعفها القدم |
|
بلى وغيرها الأرواح والدّيم |
ـ القسم الثاني من الاستدراك : هو أن يبتدئ كلامه بما يوهم السامع أنه هجو ، ثم يستدرك ويأخذ في المدح كقول أبي مقاتل الضرير :
لا تقل بشرى ولكن بشريان |
|
غرّة الدّاعي ويوم المهرجان |
وهذا النوع غير مستحسن عند الحذاق ، فإنّ السامع ربما يتطير من أول الكلام فيتأذى ولا يلتذ بما بعده ، والاستدراك في الكتاب العزيز كثير كقوله تعالى : ( بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ). وقوله تعالى : ( بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ). وقوله تعالى : ( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ ) على قراءة من خفف فرفع ـ البرّ ـ وقوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) وقوله تعالى : ( قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ). وفي القرآن كثير.