لأنه ليس مأموراً بالوضوء لأجل تلك الصلاة ، هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة ، وأما إذا توضأ بقصد غاية أُخرى من غاياته أو بقصد الكون على الطهارة صح على ما هو الأقوى من أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه. ولو كان جاهلاً بالضيق وأن وظيفته التيمّم فتوضأ فالظاهر أنه كذلك ، فيصح إن كان قاصداً لإحدى الغايات الأُخر ويبطل (*) إن قصد الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة.
______________________________________________________
قاصداً التقرّب بهما وهما مأمور بهما واقعاً ، وقد ذكرنا في محلِّه أنّا لا نلتزم بكون الأمر بالشيء مقتضياً للنهي عن ضده بل كلا الضدين يقعان مأموراً بهما على وجه الترتب.
وإن أتى بهما بقصد الصلاة فإن قصد التشريع بعمله أي مع علمه بعدم الأمر بهما من قبل الأمر بالصلاة أتى بهما بانياً على كونهما مأموراً بهما من قبل الصلاة فلا تأمّل في بطلانهما لحرمة التشريع ، ولا يمكن أن يقع المحرم عبادة ومحبوباً.
ولو لم يقصد بهما التشريع ، كما لو نوى بهما المقدمية لطبيعي الصلاة ولو قضاءً ، ولم يقصد كونهما مأموراً بهما بالأمر الفعلي ، فلا مانع من الحكم بصحتهما في هذه الصورة لكونه مأموراً بهما ولو لأجل القضاء. إلاّ أن هذا أمر نادر جدّاً ، لأن من يأتي بالوضوء أو الغسل من جهة المقدمية للصلاة يقصد بطهارته كونها مأموراً بها بالفعل.
الصورة الثانية : ما إذا كان المكلف جاهلاً بالحال وأتى بهما لا بقصد الصلاة. ولا ينبغي الارتياب في صحتهما ، لأنهما مأمور بهما من جهة استحبابهما النفسي أو المقدمية لسائر الغايات وقد قصد بهما التقرب فيقعان صحيحين لا محالة.
اللهمّ إلاّ أن يقال بأن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وأن النهي الواقعي يقتضي فساد العبادة وإن كان مجهولاً للمكلف على ما قويناه في محلِّه (١) ، فإنه يقتضي الحكم بفساد الغسل أو الوضوء في مفروض الكلام ، وذلك لأنه مأمور بالتيمّم ، وهو
__________________
(*) لا تبعد الصحّة في فرض الجهل بل مع العلم أيضاً إذا لم يقصد به التشريع.
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٢٣٤.