الواجب والمقدّمات المفوتة (١) ، وذلك كالغسل ليلة شهر رمضان قبل الفجر لئلاّ يبقى على الجنابة عند طلوع الفجر ، فحيث إنّه لا يتمكّن من الطّهارة المائيّة جاز في حقّه التيمّم وإن كان قبل الوقت ، لعين ما دلّ على وجوب الطّهارة المائيّة في حقّه إمّا بالالتزام بالواجب المعلّق أو بغيره من الوجوه. وليس كلام المشهور في أنّ التيمّم لا يجوز قبل الوقت ناظراً إلى تلك الصورة ، أعني ما إذا وجبت عليه الطّهارة قبل الوقت.
ومن هذه الكبرى ما إذا كان عند المكلّف ماء يفي بغسله أو وضوئه قبل الوقت إلاّ أنّه لو لم يتوضأ أو يغتسل قبل الوقت وأراق الماء لم يتمكّن من الطّهارة المائيّة ولا الترابيّة بعد الوقت ، فإنّه في هذه الصورة يجب عليه التوضؤ أو الاغتسال قبل الوقت. أو لو كان على طهارة وجب عليه إبقاؤها وحرم عليه نقضها بالحدث قبل الوقت لأنّه لو لم يأت بهما قبل الوقت لفوّت الملاك الموجود في الصلاة بالاختيار ، لأنّه لا صلاة إلاّ بطهور ، وتفويت الملاك قبيح عند العقل كقبح عصيان التكليف المحكّم.
نعم لو كان على نحو لو فوّت الماء قبل الوقت لم يتمكّن من الوضوء أو الغسل بعد الوقت ولكنّه يتمكّن من الطّهارة الترابيّة لم يجب عليه الوضوء أو الاغتسال قبل الوقت ، كما أنّه لو كان على طهارة جاز له أن ينقضها بالحدث قبل الوقت ، لأنّه متمكّن من تحصيل الملاك الملزم في الصلاة بالتيمّم لأنّه كالماء وقائم مقامه. فهذه المسألة أيضاً من صغريات تلك الكبرى.
وكيف كان ، لا إشكال في وجوب التيمّم فيما إذا كانت الطّهارة واجبة على المكلّف قبل الوقت ، اللهمّ إلاّ أن نقول إنّ التيمّم مبيح للصلاة لا أنّه رافع للحدث فلا يجب التيمّم على المكلّف في المثال على هذا المبنى ، لأنّه لا يرفع حدثه كي يكون متطهراً بسببه ويدرك الفجر متطهراً ، بل يبقى على الحدث بعد التيمّم وإنّما يباح له الدخول في الصلاة ، ولا دليل على أنّه يباح بالتيمّم الصوم أيضاً ، فهو فاقد الطّهارة حينئذ
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٣٥٥ ، وغيرها.