ومضطر في بقائه على الجنابة عند الفجر فلا تجب عليه الكفّارة لاضطراره.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بأنّه رافع للحدث فإنّه واجب على المكلّف حينئذ ، لأنّه مأمور بالطّهارة وترك البقاء على الجنابة عند طلوع الفجر ، فإنّه لو بقي عليها بالاختيار لوجبت عليه كما هو محرر في محلِّه ، فيجب عليه أن يرفع حدثه بالتيمّم لعجزه عن الماء.
ولعلّه إلى ذلك ينظر المانعون عن مشروعية التيمّم قبل دخول الوقت حتّى في مفروض المثال.
بل يمكن أن يقال : إنّ التيمّم بناءً على أنّه رافع للحدث لا يكون مشروعاً في المقام أيضاً ، لأنّه ليس برافع للجنابة ، بل المتيمم جنب حقيقة وإنّما يرتفع بالتيمّم حدثه ومن هنا يجب عليه الاغتسال بعد تمكّنه من الماء ، والدليل دلّ على أنّ البقاء على الجنابة موجب لبطلان الصوم أو للكفارة ، والمتيمم جنب فهو على كلا القولين مضطر إلى البقاء على الجنابة فلا تجب الكفارة عليه ولا يشرع في حقّه التيمّم أيضاً.
إلاّ أنّ الصحيح أنّه على القول بكونه رافعاً لا شبهة في مشروعية التيمّم قبل الوقت في الصورة المذكورة ، وذلك لأن ظاهر الأدلّة أنّ الجنابة بما أنّها حدث لا يجوز البقاء عليها ، وهي بهذا الوصف مانع عن الدخول في الصلاة أو غيرها لا بوصف كونها جنابة ، فإذا ارتفعت الجنابة بما أنّها حدث صحّ صومه وجاز له كلّ ما هو جائز للمتطهر وغير المحدث ، والمفروض أنّ المكلّف محدث فيجب عليه التيمّم قبل الوقت لئلاّ يبقى على الحدث عند الفجر بالاختيار ، وإلاّ لوجبت عليه الكفارة وبطل صومه كما يأتي تفصيل هذا البحث عند التكلم في أنّ التيمّم رافع أو مبيح (١).
وأُخرى يقع الكلام فيما إذا لم تجب الطّهارة قبل الوقت عليه وهو بحيث يحتمل تمكّنه من الماء بعد دخول الوقت وقبل أن ينقضي.
وفي هذه الصورة إن قلنا بعدم جواز التيمّم أوّل الوقت لمن احتمل تمكّنه من الماء
__________________
(١) في ص ٣٩٧.