غيره هي الاغتسال دون التيمّم ، فلو كان التيمّم غاية أيضاً لجعلته الآية غاية أُخرى ومقتضى إطلاقها عدم كون الغاية غير الاغتسال.
والصحيح هو ما ذهب إليه المشهور في المسألة. وتوضيحه :
أنّ التيمّم إن قلنا بكونه رافعاً للجنابة كالاغتسال وإن كان رفعه مؤقتاً فإذا وجد الماء حكم بجنابته ، وليس هذا لأن وجدان الماء من أسباب الجنابة ، لانحصار سببها بالأمرين المعروفين ، بل من جهة السبب السابق على التيمّم ، وإنّما حكم بارتفاع جنابته مؤقتاً ما دام معذوراً عن الماء فلا وجه للمناقشة المذكورة ، لأنّ التيمّم كالاغتسال ، إذ كما أنّ الاغتسال غاية لارتفاع موضوع الجنابة وتبدله بغير الجنب نظير الغاية في قوله تعالى ( حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) (١) أي حتّى يتبدّل يُتمه بالبلوغ فيرتفع موضوع الصغر ، لأنّ الغاية ليست غاية لارتفاع الحكم مع بقاء الموضوع بحاله بل غاية لارتفاع موضوعه ، كذلك الحال في التيمّم ، فإنّه موجب لارتفاع موضوع الجنابة أيضاً وتبدلها بغيرها فيسوغ له دخول المساجد واجتياز المسجدين ونحوهما من الغايات المتوقفة على الطّهارة وعدم الجنابة. فالمناقشة المذكورة ليست في محلها.
وإن قلنا بكون التيمّم رافعاً للحدث لا للجنابة فان الجنب على قسمين : متطهر وغير متطهر ، والمتيمم جنب متطهر فهو غير رافع لموضوع الجنابة ، بل رافع للحدث فقط فيسوغ به كل غاية مترتبة على الطّهارة وعدم الحدث دون الآثار المترتبة على عدم الجنابة. فللمناقشة المذكورة وجه وجيه ، لأن دخول المساجد في الآية المباركة مترتب في حقّ الجنب على الاغتسال أي على عدم (٢) تبدل موضوع الجنابة بغيرها.
وحيث إنّ المفروض بقاء الجنابة بحالها مع التيمّم فلا يسوغ له الدخول في المساجد حتّى يغتسل ويرتفع موضوع الجنابة ويتبدل بغيرها ، إذ المفروض أنّ التيمّم يرفع الحدث لا الجنابة.
__________________
(١) الأنعام ٦ : ١٥٢.
(٢) الظاهر زيادة كلمة ( عدم ).