بل يمكن الاستدلال في المقام بكل ما دلّ على أن فاقد الماء من المحدث بالجنابة أو بغيرها يتيمّم ، حيث إن إطلاقه يشمل المقام ، لما قررناه من أنّ الجنابة لا ترتفع إلاّ بالغسل وتبقى مع التيمّم لأنّه مطهر فقط ، والجنابة أمر انتزاعي كما تقدم ، وحيث إنّه محدث ولا يجد الماء وجب عليه أن يتيمّم.
ويضاف إلى ذلك الأخبار الدالّة على أنّ المتيمِّم باق على جنابته وأنّ التيمّم طهور وحسب ، وليس رافعاً للجنابة ، وإليك بعضها :
منها : صحيحة جميل بن دراج قال « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إمام قوم أصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلِّي بهم؟ قال : لا ، ولكن يتيمّم الجنب ويصلِّي بهم ، فانّ الله جعل التراب طهوراً » (١).
ومنها : موثقة عبد الله بن بكير قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أجنب ثمّ تيمّم فأمّنا ونحن طهور ، فقال : لا بأس به » (٢).
ومنها : موثقته الأُخرى عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « قلت له : رجل أمّ قوماً وهو جنب وقد تيمّم وهم على طهور ، فقال لا بأس » (٣).
ومنها : صحيحة ابن المغيرة (٤) الّتي هي مثلها ، لأنّها مروية بإسناد الشيخ إلى محمّد بن علي بن محبوب (٥) ، وله طريق صحيح إليه وإن كان له طريقان آخران إلى الرجل ، وهما ضعيفان بأبي المفضل وابن بطة وبأحمد بن محمّد بن يحيى.
إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في أنّ الإمامة لا يشترط فيها الاغتسال ، بل لو تيمّم كفى في صحّة صلاته.
والوجه في دلالتها على المدّعى أنّها دلّت على أنّ الجنب بالفعل لا من كان جنباً
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٣٨٦ / أبواب التيمّم ب ٢٤ ح ٢.
(٢) الوسائل ٨ : ٣٢٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٢.
(٣) الوسائل ٨ : ٣٢٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٣.
(٤) الوسائل ٨ : ٣٢٧ / أبواب صلاة الجماعة ب ١٧ ح ٣.
(٥) التهذيب ١ : ٤٠٤ / ١٢٦٥.