إعادة فيها توضيح
ذكرنا أن الآية المباركة وقعت مورداً للكلام نظراً إلى عطف كل من الأُمور الأربعة المذكورة فيها بـ « أو » الظاهرة في سببية المرض والسفر في نفسهما للتيمم ، ومن هنا ذكر بعضهم أن الآية من المعضلات.
وقد أجاب عن ذلك جملة من فقهاء العامّة والخاصّة بان « أو » في الآية بمعنى الواو وأن المعنى أنكم إذا كنتم مرضى أو على سفر وجاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء ولم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً. وبذلك دفعوا المناقشة ، وقد عرفت الجواب عما ذكروا.
وذكر في تفسير المنار أن الآية ليست من المعضلات في شيء وإنما الإعضال في فتاوى الفقهاء ، وذكر في وجه ذلك ما توضيحه : أنه لا إشكال ولا خلاف بين المسلمين في أن السفر والمرض ليسا من نواقض الطهارة ، فالمتطهِّر لو تمرّض أو سافر لا تنتقض طهارته من دون كلام ، وليس في الآية ما يدل على انتقاض الطهارة بالمرض أو السفر فلا بدّ من أن يكون مورد الآية المباركة ما إذا كانا محدثين ، ومعه تدل الآية على أن المريض المحدث أو المسافر المحدث يتيمم مطلقاً وجد الماء أم لم يجد ، كما أن من جاء من الغائط أو لامس النساء ولم يجد ماء يتيمم ، ولا مانع من أن يكون السفر أو المرض موجباً لتخفيف الوظيفة بإيجاب التيمّم دون الوضوء أو الغسل كما أوجب السفر تخفيف الوظيفة بالإضافة إلى الصوم والصلاة لوجوب القصر فيهما على المسافر.
فظاهر الآية المباركة لا إعضال فيه ، وإنما الإعضال في فتاوى الفقهاء حيث ذهبوا إلى عدم وجوب التيمّم على المريض والمسافر مطلقاً بل فيما إذا لم يجد الماء (١).
وهذا الذي ذكره ممّا لا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لما قدّمناه عن صاحب الجواهر قدسسره من أن قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ) من متممات صدر الآية وهو قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ... )
__________________
(١) تفسير المنار ٥ : ١٢٠.