حيث إن المراد من القيام هو القيام من النوم كما في تفسير الآية فيكون معنى الآية : أن من كان محدثاً بحدث النوم وكان متمكناً من الماء يتوضأ إن لم يكن جنباً أي محتلماً وإن كان جنباً تطهر ، وإذا لم يكن ذلك المحدث بالنوم واجداً للماء يتيمم ، لما عرفت من أن قيد ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) راجع إلى جميع الأُمور الأربعة المتقدمة ، وهو في قبال المحدث بحدث البول والغائط في قوله تعالى ( أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ) فتصح المقابلة ولا تبقى أية مناقشة في الآية الكريمة. هذا كله في آية سورة المائدة.
وأما آية سورة النساء فهي وإن لم تكن مسبوقة بالصدر إلاّ أن الأمر فيها كما ذكرناه ، وذلك لما قدمناه من أن المرض والسفر ليسا من النواقض في شيء فلا بدّ أن يكون مورد الآية هو المريض المحدث أو المسافر المحدث وأنه إذا كان فاقداً للماء يتيمم ، لرجوع القيد إلى كل واحد من الأُمور الأربعة.
فتحصل : أن المريض والمسافر بإطلاقهما لا يجب عليهما التيمّم بل فيما إذا كانا فاقدين للماء.
نعم للمدعي أن يسأل عن وجه تخصيص المريض والمسافر بالذكر ، لأنه على ذلك لا يختص الحكم بهما ، بل يعمّ كل من كان فاقداً للماء مريضاً كان أم صحيحاً مسافراً كان أم حاضراً.
والجواب عنه : أن ذكرهما في الآية من باب غلبة فقدان الماء بالمعنى المتقدم فيهما لا أن لهما خصوصية في الحكم ، فلا مقتضي لإبقاء المريض والمسافر على إطلاقهما والحكم بأنهما إذا كانا محدثين يتيممان مطلقاً ولو كانا واجدين للماء.
وأمّا ما استشهد به أخيراً ففيه : أن السفر وإن كان موجباً لتخفيف الحكم في حق المسافر بالإضافة إلى الصوم والصلاة إلاّ أنه إنما ثبت بالدليل ولا يأتي ذلك في المقام لأنه قياس.
وعلى الجملة : ما ذكره صاحب المنار من إبقاء الطائفتين على إطلاقهما في الحكم بوجوب التيمّم مما لا مقتضي له ، كما أن ما ادعاه من الظهور غير ثابت ، بل الظاهر