الأوّل ، لقلنا إنّ الحال فيما نحن فيه كذلك ، بمعنى أنّ النهي عن الخروج يكون متوجّها قبل الدخول ، وإن كان المنهي عنه الذي هو الخروج لا يكون إلاّ بعد الدخول ، ولا ضير في ذلك.
وما أفاده شيخنا قدسسره (١) هنا في الردّ على صاحب الفصول (٢) بعدم إمكان جعل النهي عن الخروج كذلك لأنّه بعد الدخول يمتنع ترك الخروج ويسقط النهي عنه ، يمكن الجواب عنه بأنّه ليس باللازم الباطل ، إذ لا مانع من الالتزام بتوجّه النهي عن الخروج قبل الدخول وإن كان بعد الدخول يسقط النهي ، وأثر ذلك النهي السابق هو استحقاق العقاب لو أقدم على المخالفة ودخل ، كما أنّه يمكنه الاطاعة بأن لا يدخل ، ويكون حاله حال من كان وقوعه في الزنا مثلا متوقّفا على خروجه من مجمع الناس ودخوله الدار التي يقع فيها الزنا ، على وجه لو دخل الدار يقع في الزنا لا محالة ولو بالاجبار عليه ، فإنّ مثل هذا الشخص يصحّ أن يتوجّه إليه النهي عن الزنا في حال كونه موجودا في المجمع قبل دخوله تلك الدار ، من دون أن يكون ذلك النهي مشروطا ، ولو صحّت دعوى أنّ النهي في مثل ذلك يكون معلّقا وأغضينا النظر عن أصل الإشكال في المعلّق لقلنا إنّ ما نحن فيه أيضا كذلك.
نعم ، هنا شيء لعلّه هو كان المنشأ في دعوى عدم صحّة توجّه النهي عن الخروج قبل الدخول ، وهو وضوح سماجة قولك للشخص الموجود أمامك غير داخل في الدار لا تخرج من الدار ، بل يكون هذا النهي مستهجنا عند العقلاء. ولعلّ هذه السماجة الذوقية وتلك الهجنة العقلائية ناشئة عن أنّ الظاهر لدى
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٢) الفصول الغروية : ١٣٨ ، ١٣٩.