هذا المقام ، لكن سيأتي (١) إن شاء الله تعالى أنّ هذه العناوين ليست إلاّ منتزعة من ترك الظلم والغصب ، لا أنّها أمور أخر غير ترك الظلم كي يحكم العقل بحسنه ، وأي حسن في رفع اليد عن القبيح الذي هو الظلم والغصب والتعدّي.
وبالجملة : ما مثل ذلك إلاّ مثل من هو مقبل على ضرب اليتيم مثلا فأقلع عنه ، فإنّ بقاء ضربه واستمراره عليه وإن كان ظلما قبيحا إلاّ أنّ رفع يده عنه لا يعدّ حسنا ، بل أقصى ما فيه أنّه ترك للقبيح ، وأمّا نفس الحركة الخروجية التي يتولّد منها ذلك الاقلاع عن الظلم فهي ليست إلاّ مصداقا من تلك المصاديق الظلمية ، وإن ترتّب عليها رفع الظلم فتأمّل. وسيأتي (٢) إن شاء الله تعالى بيان أنّه لا دليل على لزوم ذلك ووجوبه شرعا ، وأنّه ليس في البين إلاّ حرمة التصرّف والاستمرار عليه.
فإن قلت : سلّمنا أنّ المنهي عنه هو ذات الحركة الخروجية لا عنوان الخروج الذي يكون النهي عنه مستهجنا قبل الدخول ، لكنّا مع ذلك نقول إنّ تلك الحركة قبل الدخول تكون منعدمة قهرا على المكلّف ، فيكون النهي عنها والتكليف بتركها قبل الدخول تحصيلا للحاصل أو بغير المقدور ، لأنّه كما يشترط في متعلّق النهي أن يكون تركه اختياريا للمكلّف فكذلك يشترط أيضا كون فعله اختياريا ، وإلاّ كان من قبيل النهي عن الممتنع ، وحينئذ يتمّ ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ تلك الحركة غير منهي عنها قبل الدخول كما أنّه بعد الدخول يكون مضطرّا إليها.
والحاصل : أنّ فعلية النهي عنها قبل الدخول من قبيل النهي عن الممتنع أو من قبيل تحصيل الحاصل ، فلا يعقل توجّه النهي عن تلك الحركة ، ويكون ذلك
__________________
( ١ ، ٢ ) سيأتي ذلك في الحاشية اللاحقة.