قوله : وأمّا من جهة آثار نفسها مع قطع النظر عن عباديتها كحصول التطهير فلا يدلّ النهي على الفساد من هذه الجهة ... الخ (١).
الظاهر أنّ هذا القسم من العبادات ـ أعني الذي لم يكن مقيّدا بقصد التقرّب ـ يتصوّر فيه كون النهي ناشئا عن مانعية المنهي عنه أو عن شرطية عدمه ، كما أنّ النهي النفسي فيه المتعلّق بنفس العمل يكون موجبا لفساده ، لا لخصوص عدم إمكان قصد التقرّب به مع بقائه مسقطا للأمر ، بل يكون موجبا لفساده بمعنى عدم كونه مسقطا للأمر ، لكونه بواسطة النهي خارجا عن عموم الأمر ، بحيث إنّه لو أمر باكرام عالم ونهي عن إكرام العالم الفاسق أو عن إكرام العالم بالاطعام مثلا كان ذلك النهي موجبا لخروج ذلك الاكرام عن عموم الأمر أو عن إطلاقه ، وكان يلزمه الاتيان باكرام آخر غير منهي عنه ، كما أفاده قدسسره (٢) في باب التعبّدي والتوصّلي من اقتضاء الأمر عدم الاكتفاء بالفعل الواقع على جهة التحريم ، وأنّ النهي يوجب تخصيص متعلّق الأمر بما عداه ، ولا يمكن الاكتفاء بما وقع على جهة التحريم إلاّ بدليل خاصّ ، أو كان الفعل المحرّم معدما للموضوع ، أو كان محصّلا للغاية المطلوبة من الأمر كما في غسل الثوب بماء مغصوب ونحو ذلك ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ الفساد من الجهة الأولى من المراتب التي قدّمنا ذكرها (٣) وإن لم يكن متأتّيا في مثل ذلك ، لكنّه بالنسبة إلى المرتبة الثانية الراجعة إلى
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٣ [ المنقول هنا موافق للنسخة القديمة غير المحشاة ].
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، وقد تقدّمت حاشية للمصنّف قدسسره على ذلك في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ، الصفحة : ٣٨٤ وما بعدها.
(٣) في الصفحة : ٢٠٠.