نحو القضية الحقيقية ، بأن يقول إنّ ما تأتي به امتثالا للأمر الواقعي يكون محكوما عليه عندي بأنّه مسقط للأمر الواقعي ، فلا يكون الاسقاط المذكور لا حقا لما هو متعلّق الأمر الظاهري إلاّ بعد فرض وجوده خارجا ، كما هو الشأن في القضايا والأحكام التي لا تكون إلاّ حقيقية. وحينئذ لو قلنا إنّ الصحّة بمعنى الاسقاط ، وأنّ الاسقاط في ذلك يكون مجعولا شرعا ، يكون المتّصف بهذه الصحّة هو الفعل الخارجي ، وتكون صحّته شرعية لا انتزاعية.
ومن ذلك يتّضح لك التأمّل فيما أفاده قدسسره بعد هذا في المعاملات بقوله : نعم صحّة كلّ معاملة شخصية وفسادها ليس إلاّ لأجل انطباقها مع ما هو المجعول سببا وعدمه الخ (١). فإنّ الصحّة لو أخذت بمعنى ترتّب الملكية فالشارع لم يجعل على طبيعة العقد ، بل إنّما جعل الملكية على تقدير تحقّق العقد ، فيكون المتّصف بالصحّة المذكورة هو العقد بعد وجوده لا قبل وجوده.
وما أفاده قدسسره من قياس المقام بمقام متعلّق التكليف بقوله : كما هو الحال في التكليفية من الأحكام ، ضرورة أنّ اتّصاف المأتي به بالوجوب أو الحرمة أو غيرهما ليس إلاّ لانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام ، انتهى. لا يخلو من تأمّل ، فإنّه على الظاهر قياس مع الفارق ، حيث إنّ التكليف كالوجوب ـ مثلا ـ إنّما يعرض المتعلّق كالصلاة قبل وجودها ، فهي قبل الوجود متّصفة بالوجوب ، ولا بدّ حينئذ من أن نقول إنّما تتّصف هذه الصلاة الخارجية بالوجوب لأجل انطباقها مع ذلك الذي طرأ عليه الوجوب وهو طبيعة الصلاة ، وهذا هو الشأن في متعلّقات التكاليف. لكن أين ذلك ممّا نحن فيه ممّا يكون من قبيل الموضوعات للحكم الشرعي ، التي لا تكون مأخوذة إلاّ على نحو القضية الحقيقية ، على وجه أنّ ذلك
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٨٤.