يَتَفَاضَلُ (١) الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ : « نَعَمْ ». قُلْتُ : صِفْهُ لِي ـ رَحِمَكَ اللهُ ـ حَتّى أَفْهَمَهُ.
قَالَ (٢) : « إِنَّ اللهَ سَبَّقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا يُسَبَّقُ بَيْنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الرِّهَانِ (٣) ، ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَيْهِ ، فَجَعَلَ كُلَّ امْرِىً مِنْهُمْ عَلى دَرَجَةِ سَبْقِهِ ، لَايَنْقُصُهُ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ ، وَلَا يَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً ، وَلَا مَفْضُولٌ فَاضِلاً ، تَفَاضَلَ بِذلِكَ أَوَائِلُ هذِهِ الْأُمَّةِ وَ (٤) أَوَاخِرُهَا (٥) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّابِقِ إِلَى الْإِيمَانِ فَضْلٌ عَلَى الْمَسْبُوقِ ، إِذاً (٦) لَلَحِقَ آخِرُ هذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا ، نَعَمْ (٧) ، وَلَتَقَدَّمُوهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ سَبَقَ إِلَى الْإِيمَانِ الْفَضْلُ عَلى مَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ ، وَلكِنْ بِدَرَجَاتِ الْإِيمَانِ قَدَّمَ اللهُ السَّابِقِينَ ، وَبِالْإِبْطَاءِ عَنِ الْإِيمَانِ أَخَّرَ اللهُ الْمُقَصِّرِينَ ؛ لِأَنَّا نَجِدُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْآخِرِينَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عَمَلاً مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَأَكْثَرُهُمْ صَلَاةً وَصَوْماً وَحَجّاً وَزَكَاةً وَجِهَاداً (٨) وَإِنْفَاقاً ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ (٩) سَوَابِقُ يَفْضُلُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عِنْدَ اللهِ ، لَكَانَ الْآخِرُونَ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ مُقَدَّمِينَ (١٠) عَلَى الْأَوَّلِينَ ، وَلكِنْ أَبَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يُدْرِكَ آخِرُ دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ أَوَّلَهَا ، وَيُقَدَّمَ فِيهَا مَنْ أَخَّرَ اللهُ ، أَوْ (١١) يُؤَخَّرَ فِيهَا مَنْ قَدَّمَ اللهُ (١٢) ».
قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَمَّا نَدَبَ (١٣) اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِبَاقِ إِلَى الْإِيمَانِ.
__________________
(١) في « ز » : « تتفاضل ». وفي البحار ، ج ٦٩ : « ويتفاضل ».
(٢) في « ص » : « فقال ».
(٣) « الرهن » : معروف. والجمع : رِهان. وراهنت فلاناً على كذا مُراهنةً : خاطَرتُه. والمراهنة والرهان بالكسر : المسابقة على الخيل. الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٢٨ ؛ لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١٨٨ ( رهن ).
(٤) في « ز ، ض ، بف » ومرآة العقول والبحار ، ج ٢٢ : ـ / « و ».
(٥) في حاشية « د » : « آخرها ».
(٦) في « ص » : « وإذاً ».
(٧) في « ف » : ـ / « نعم ».
(٨) في « ف » : « وجهاداً وزكاة وحجّاً ».
(٩) في الوافي : « لم تكن ».
(١٠) في حاشية « بر » : « متقدّمين ».
(١١) في « ف » : « و ».
(١٢) في حاشية « ز » : + / « فيها ».
(١٣) « ندب إليه » ، أي دعا إليه. يقال : ندبتُه فانتَدَب ، أي بعثتُه ودعوتُه فأجاب. النهاية ، ج ٥ ، ص ٣٤ ( ندب ).