قَالَ : فَمَا التَّالِي؟ قَالَ : « الْمُرْتَادُ ، يُرِيدُ الْخَيْرَ يُبَلِّغُهُ الْخَيْرَ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ (١)».
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : « وَاللهِ ، مَا مَعَنَا مِنَ اللهِ بَرَاءَةٌ (٢) ، وَلَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللهِ قَرَابَةٌ ، وَلَا لَنَا عَلَى اللهِ حُجَّةٌ ، وَلَا نَتَقَرَّبُ (٣) إِلَى اللهِ إِلاَّ بِالطَّاعَةِ ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُطِيعاً لِلّهِ ، تَنْفَعُهُ (٤) وَلَايَتُنَا ؛ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَاصِياً لِلّهِ ، لَمْ تَنْفَعْهُ (٥) وَلَايَتُنَا ، وَيْحَكُمْ لَاتَغْتَرُّوا ، وَيْحَكُمْ لَاتَغْتَرُّوا (٦) ». (٧)
__________________
(١) في شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٢٣١ : « قال : المرتاد يريد الخير ، فسّر التالي بأنّه المرتاد ، أي الطالب ؛ من ارتاد الرجل الشيء : إذا طلبه ، والمطلوب أعمّ من الخير والشرّ ، فقوله : يريد الخير تخصيصٌ ، وبيانٌ للمعنى المراد هنا. يبلغه الخير يؤجر عليه ، من الإبلاغ والتبليغ ، وهو الإيصال ، وفاعله معلوم بقرينة المقام ، أي من يوصله إلى الخير المطلوب له يوجر عليه ؛ لهدايته وإرشاده ».
وقال في مرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٥٥ : « المرتاد يريد الخير يبلّغه الخير ، كأنّه من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر ، أي يريد الأعمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها ، ولكن لايعمل بها ، ويؤجر عليه بمحض هذه النيّة ؛ أو المعنى أنّه المرتاد الطالب لدين الحقّ وكماله. وقوله : يبلغه الخير ، جملة اخرى لبيان أنّ طالب الخير سيجده ويوفّقه الله لذلك ، كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) [ العنكبوت (٢٩) : ٦٩ ] ، وقوله : يؤجر عليه : لبيان أنّه بمحض الطلب مأجور. وقيل : المرتاد : الطالب للاهتداء الذي لايعرف الإمام ومراسم الدين ، بعد يريد التعلّم ونيل الحقّ ، يبلغه الخير ، بدل من الخير ؛ يعني يريد أن يبلّغه الخير ليوجر عليه » ، ثمّ نقل ما نقلناه عن العلاّمة المازندراني وقال : « وأقول : على هذا يمكن أن يكون فاعله ـ أي فاعل يبلغه ـ الضمير الراجع إلى النمرقة ؛ لما فهم سابقاً أنّه يلحق التالي بنفسه. وقيل : جملة « يريد الخير » صفة المرتاد ؛ إذ اللام للعهد الذهني ، وهوفي حكم النكرة ، وجملة « يبلغه » إمّا على المجرّد من باب نصر ، أو على بناء الإفعال أو التفعيل استيناف بيانيّ ، وعلى الأوّل الخير مرفوع بالفاعليّة إشارة إلى أنّ الدين الحقّ لوضوح براهينه كأنّه يطلبه ويصل إليه ، وعلى الثاني والثالث الضمير راجع إلى مصدر يريد ، والخير منصوب ، ويؤجر عليه ، استيناف للاستيناف الأوّل ؛ لدفع توهّم أن لايؤجر ؛ لشدّة وضوح الأمر ، فكأنّه اضطرّ إليه. وأكثر الوجوه لاتخلو من تكلّف ، وكأنّ فيه تصحيفاً وتحريفاً ».
(٢) في « ص ، ض ، ف » : + / « من النار ».
(٣) في « ب ، ج ، ز ، ص ، ض ، هـ ، ف ، بر » والبحار : « ولايتقرّب ». وفي مرآة العقول : « ولا نتقرّب ، بصيغة المتكلّمأو الغائب المجهول ».
(٤) في « ج ، هـ » : « ينفعه ».
(٥) في « هـ » : « لم ينفعه ».
(٦) في « ف » : « لا تفتروا ». واحتمل المازندراني في شرحه كون الفعلين بالفاء ، من الفتور في العمل.
(٧) الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٠٢ ، ح ١٩٧٨ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٠١ ، ح ٦.