ولكن كلامه قدسسره في هذه المقدّمة من باب المثال ، وأنّه من قبيل الفرض في الفرض ، وإنّما جرى فيه على مذاق القائلين بجعل الشرطية والمانعية ، وأنّه عند الشبهة الموضوعية في ذلك يكون الأصل لزوم إحراز الشرط بناءً على الشرطية ، وبناءً على المانعية يكتفى بعدم إحراز المانع.
أمّا بناءً على أنّ المتأصّل في ذلك هو الأمر الضمني والنهي الضمني ، فلا يستقيم ذلك كلّه حتّى ما أُفيد في الصورة الأُولى ، أعني ما لو كان في البين ضدّ ثالث ، مثل ما لو شكّ في أنّ الواجب في سجود السهو هو الاستقبال أو أنّ الاستدبار يكون ممنوعاً عنه ، إذ لا ريب حينئذ أنّ المسألة تكون من باب العلم الاجمالي المردّد بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، واللازم حينئذ هو الاحتياط بترك ما احتمل حرمته وفعل ما احتمل وجوبه ، نظير ما لو علم أنّه مكلّف في هذه الساعة بتكليف هو إمّا وجوب وطء زوجته الكبرى وإمّا حرمة وطء زوجته الصغرى ، فإنّه يلزمه في هذه الساعة وطء الأُولى وترك وطء الأُخرى.
ولا محصّل للقول بأنّ ذلك من قبيل الأقل والأكثر ، بدعوى أنّ ذلك التكليف إن كان هو حرمة وطء الثانية فلا يلزمه إلاّترك وطئها ، بخلاف ما لو كان التكليف المتوجّه إليه هو وجوب وطء الأُولى ، فإنّه يلزمه ترك وطء الثانية وترك وطء الثالثة وغيره من باقي الأضداد الوجودية لوطء الأُولى حتّى الأكل والشرب والنوم ، بل حتّى الترك المجرّد ، فإنّ ذلك مبني على أنّ الأمر بوطء الأُولى عبارة عن النهي عن جميع أضداده.
وهكذا الحال في الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، مثل الكون في المسجد والكون في خارج المسجد ، وتوجّه إليه تكليف مردّد بين وجوب الكون في