الوجه الثاني ولو باعتبار كونه موجباً للضيق الزائد على المكلّف في هذه الصورة ، فيه تأمّل.
ولا يبعد القول بعدم الجريان ، فإنّ هذه الكلفة الزائدة لم تكن بجعل الشارع وإنّما جاءت من حكم العقل بلزوم الاحتياط في مورد العلم الاجمالي ، وهل ذلك إلاّ من قبيل من علم بأنّه يجب عليه إكرام عمرو أو إكرام زيد ، وكان عمرو معروفاً عنده بشخصه وكان زيد مردّداً بين أشخاص متعدّدين ، فيقال : إنّ المجعول الشرعي لو كان هو وجوب إكرام زيد لكانت الكلفة فيه أزيد من الكلفة لو كان المجعول الشرعي هو وجوب إكرام عمرو ، فتجري البراءة في إكرام زيد من هذه الجهة الموجبة للكلفة الزائدة ، لا أظنّ أحداً يلتزم بذلك ، والظاهر أنّه لا فرق بينه وبين ما نحن فيه ، فلاحظ وتأمّل.
وخلاصة البحث : أنّ دوران الأمر بين شرطية شيء ومانعية آخر يكون على صور :
الأُولى : أن لا يكون بينهما ضدّية ، مثل دوران الأمر بين شرطية الاستعاذة ومانعية قول آمين. وفي هذه الصورة لا ينبغي الإشكال في كون العلم الاجمالي موجباً للاتيان بالاستعاذة وترك قول آمين ، نظير سائر المقامات التي يدور الأمر فيها بين وجوب شيء وتحريم شيء آخر.
الثانية : أن يكون ذلك بين الضدّين اللذين لهما ثالث ، مثل دوران الأمر في سجود التلاوة مثلاً بين كون الاستقبال فيها شرطاً وكون الاستدبار فيها مانعاً. وفي هذه الصورة يكون الأمر كذلك ، يعني لزوم الاستقبال وترك الاستدبار ، لكن قيل بحلّ العلم الاجمالي ، لكونه بالنسبة إلى الترك من قبيل الأقل والأكثر ، نظراً إلى أنّه لو كان الواقع هو المانعية فلا يكون المطلوب إلاّترك الاستدبار ، بخلاف ما