وأمّا الواجبات ، فإن كانت اقترانية كما مثّلنا به من وجوب صوم يوم بعينه أو البقاء في المسجد تمام ذلك اليوم ، فإنّه بعد العملية المذكورة يكون عالماً بوجوب أحدهما عند تركه الآخر ، فلا يجوز له تركهما معاً ، لأنّه حينئذ عالم بأنّه يترك واجباً متنجّزاً عليه. نعم يجوز له ترك الآخر إن فعل أحدهما.
وإن لم تكن اقترانية بل كانت تدريجية ، كما في مثل الصلاة إلى الجهات الأربعة التي يعلم أنّ القبلة فيها وقد ضاق الوقت عن إتمام الأربع ، وكما في مثال الدرهم الذي يعلم بأنّه يجب دفعه إلى زيد وقد تردّد زيد بين أشخاص أربعة ، وليس عنده إلاّثلاثة دراهم ، فلا يحتاج التبعيض فيه إلى هذه العملية ، بل يلزمه الجري على مقتضى العلم الاجمالي حتّى يعجز أو يبلغ العسر والحرج أو الضرر ، فيكون التكليف ساقطاً لو كان في الباقي.
نعم ، لو كان العذر في طرف معيّن ، كان العلم الاجمالي ساقطاً لو كان ذلك العذر سابقاً أو مقارناً ، بخلاف ما لو كان بعد العلم ، وإن كان للشيخ قدسسره كلمة في ذيل الشبهة الوجوبية غير المحصورة ربما كان ظاهرها منافياً لذلك.
وللمرحوم الحاج آغا رضا قدسسره كلام في هذا المقام نقلناه فيما سيأتي إن شاء الله فيما علّقناه على ما أفاده شيخنا في التنبيه الأوّل ، ونقلنا هناك كلمة الشيخ المشار إليها ، فراجع (١).
ويمكن أن يوجّه ما ذكرناه ، من أنّ الساقط بدليل العسر والحرج هو إطلاق التكليف بالاجتناب عن الميتة الواقعية وشموله لما إذا اجتنب عن الطرف الآخر وتركه ، بعد تكميله بما ذكرناه من اقتضاء العلم الاجمالي للزوم الترك المذكور ، بأن يقال : ليس المراد بسقوط وجوب الاجتناب عن الميتة الواقعية عند ترك
__________________
(١) راجع الحاشية الآتية في الصفحة : ٢١٣ وما بعدها.