الطرف الآخر هو سقوط وجوب الاجتناب عنها بالمرّة ، ليكون مقتضاه هو أنّه قبل ارتكاب أحد الطرفين تكون الميتة الواقعية محكومة بالإباحة واقعاً ، ويكون لازمه أنّ تحريم الطرف الباقي على تقدير كونه هو الميتة بعد ارتكاب الطرف الأوّل تحريم جديد لينفى بالبراءة ، بل المراد بذلك هو سقوط حرمة الميتة وجواز ارتكابها لخصوص رفع الحرج لا مطلقاً ، بناءً على أنّ تحريم أكل الميتة يقتضي المنع من ذلك الأكل وسدّ جميع أبواب وجوده ، فينحلّ المنع من أكلها إلى المنع من جميع أنحاء وجود الأكل ، ويكون دليل نفي الحرج رافعاً للمنع من وجود الأكل إذا كان بنحو رفع الحرج به ، فيبقى تحريم الميتة الموجودة في البين على ما هو عليه من اقتضائه سدّ أنحاء وجود أكلها ، إلاّنحواً واحداً من تلك الأنحاء وهو كونه سادّاً للضرورة ورافعاً للحرج عن المكلّف ، فلا يرتفع بدليل نفي الضرر والعسر والحرج إلاّهذا المقدار من أثر التحريم ، دون باقي الآثار وهو المنع من وجوده الذي لا يكون لأجل سدّ الضرورة ورفع الحرج.
فنقول : إنّ الميتة الموجودة هي حرام واقعاً ، ويلزم الاجتناب عن جميع أنحاء أكلها إلاّ النحو الذي يسدّ به الضرورة ، وهو لا ينطبق إلاّعلى أكل الطرف الأوّل دون أكل الطرف الثاني بعد أكل الطرف الأوّل ، فيبقى أكل الطرف الثاني على ما هو عليه من اقتضاء حكم العقل بلزوم الاجتناب عنه ، لكونه طرفاً للعلم الاجمالي بالميتة بين الطرفين ، الذي يكون حكمها المنع من جميع أنحاء أكلها ما عدا ما يرتفع به الحرج وتنسدّ به الضرورة ، المفروض انحصار انطباقه على أكل الأُولى في ظرف عدم أكل الأُخرى ، وعدم انطباقه على أكل الثانية بعد أكل الأُولى ، فتأمّل جيّداً.
لا يقال : يمكن إتمام هذه الطريقة ـ أعني طريقة تبعيض الاحتياط فيما