والعسر والحرج ، ويكون الحاصل حينئذ أنّ الشبهة غير المحصورة لا خصوصية لها من بين الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ، ولعلّ وجه الإجماع هو كون عدم الحصر ملازماً لخروج بعض الأطراف عن الابتلاء.
ثمّ إنّي بعد هذا كلّه عثرت على أخبار أُخر يمكن الاستدلال بها لعدم لزوم الاحتياط في أطراف الشبهة غير المحصورة ، منها : ما ذكره في الحدائق في المسألة الرابعة من البحث الأوّل من المقصد الثاني من الباب الخامس في الطهارة من النجاسات ، وذلك موثّقة حنّان بن سدير عن الصادق عليهالسلام « في جدي رضع من خنزيرة حتّى شبّ واشتدّ عظمه ، استفحله رجل في غنم له فخرج له نسل ، ما تقول في نسله؟ فقال عليهالسلام : أمّا ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربه ، وأمّا ما لم تعرفه فإنّه بمنزلة الجبن » (١). وحمله في الحدائق على الشبهة غير المحصورة لكثرة تلك الغنم. ولا يخفى أنّ تنظيره بالجبن يعطي أنّ مسألة الجبن وأنّ في جملته الميتة كان من المطالب المعروفة لدى أهل ذلك العصر.
ثمّ قال في الحدائق : ويمكن ـ ولعلّه الأقرب ـ أنّ الوجه فيه إنّما هو عدم معلومية بقاء ما خرج من نسله في تلك الغنم لكثرتها ، فلعلّه قد ذهب منها بأحد وجوه الذهاب كما يشير إليه التنظير بالجبن من حيث عدم معلومية الحرام منه بعينه (٢).
ولا يخفى بعده بل عدم صحّة الحكم بجواز الارتكاب حينئذ ، إذ لا يكون التلف مؤثّراً إلاّ إذا كان قبل العلم الاجمالي بوجود النسل ، مع أنّ مفروض الرواية الشريفة هو العلم الاجمالي قبل احتمال التلف.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٤ : ١٦١ / أبواب الأطعمة المحرّمة ب ٢٥ ح ١ ( مع اختلاف ).
(٢) الحدائق الناضرة ٥ : ٢٨٤.