الاتيان بالجمعة بعنوان الاحتياط ، وذلك كان متحقّقاً وجداناً بحكم قاعدة الشغل اليقيني ، أمّا هذا فلا يمكن الجواب عنه بالجواب المزبور بعد فرض الرجوع في تلك الكلفة الزائدة ـ أعني التقييد بالخامس ـ إلى البراءة العقلية والشرعية ، فلا يكون إجراء هذا الاستصحاب هنا من قبيل الاحراز التعبّدي لما هو محرز بالوجدان.
لأنّا نقول : إنّ البراءة الشرعية الرافعة لتلك القيدية التي هي منشأ الشكّ في بقاء وجوب الأربعة بعد الاتيان بها تكون حاكمة على الاستصحاب المذكور. أمّا البراءة العقلية فالظاهر أنّها لا يمكن أن تكون حاكمة عليه ، وحينئذ فيكون الأصل الوحيد الجاري في مسألة الشكّ في الأقل والأكثر هو البراءة الشرعية دون العقلية.
لكن قد حرّرت عن درس شيخنا الأُستاذ قدسسره ما نصّه : أنّ البراءة الشرعية مبيّنة لما أُجمل من التكليف ، فيسقط الاستصحاب حينئذ ، لأنّ ملاكه هو إجمال ذلك التكليف وتردّده بين الأقل والأكثر ، هذا في مقابلة الاستصحاب للبراءة الشرعية. وأمّا مقابلته مع البراءة العقلية كما هو المختار للشيخ قدسسره فقد يتوهّم أنّه حاكم عليها ، لعدم تعرّضها لبيان ما أُجمل من التكليف المذكور ، إلاّ أنه توهّم فاسد ، لأنّ القائل بالبراءة العقلية لا يتمّ قوله إلاّبعد فرض انحلال ذلك العلم الاجمالي ، ومع انحلاله لا يبقى مورد للاستصحاب ، لما عرفت من أنّ ملاكه هو إجمال التكليف المعلوم وتردّده بين الأقل والأكثر ، انتهى.
ولا يخفى أنّ الطريقة التي سلكناها في الانحلال لمّا كانت هي عبارة عن الأخذ بنفس وجوب الأربعة لا بشرط المقسمي ، لم يكن الوجه في حكومة البراءة الشرعية على الاستصحاب بناءً على هذه الطريقة هو كون البراءة رافعة للتردّد وموجبة للحكم بأنّ الواجب هو الأربعة لا بشرط القسمي ، بحيث تكون