قوله : أو كان المتيقّن هو الأكثر ... الخ (١).
لا يخفى أنّ الاجمال تارة يكون في متعلّق التكليف ، وأُخرى يكون في موضوعه ، والتكليف في كلّ منهما إمّا أن يكون إيجابياً وإمّا أن يكون تحريمياً ، والمرجع في الجميع هو البراءة ، لكن الذي يظهر منه هنا وفي أوّل مباحث الأقل والأكثر ، هو أنّ المتيقّن فيما عدا التكليف الايجابي وكون الشبهة في المتعلّق ، يكون هو الأكثر ، نظراً إلى كون المتيقّن هو الأكثر قيوداً ، لكن قد عرفت فيما تقدّم (٢) أنّه لا داعي إلى ذلك ، بل حيث إنّ المكلّف به ليس هو المفاهيم والعناوين ، بل إنّ المكلّف به إنّما هو المسمّيات والمعنونات ، يكون القدر المتيقّن ممّا تعلّق التكليف به هو الأقل وجوداً ، فإنّ الترديد بين كون المطلوب تركه هو مجرّد الاضافة أو الاضافة المقرونة بالتحية ، يوجب أن يكون مطلوبية ترك الاضافة المقيّدة بالتحيّة قدراً متيقّناً ، وطلب ترك الزائد وهو الاضافة المجرّدة عن التحيّة مشكوكاً.
وهكذا في مسألة وجوب إكرام كلّ عالم ، المردّد بين كونه مجرّد العالم بالفقه أو هو مع النحو ، فإنّ القدر المتيقّن هو مطلوبية إكرام العالم النحوي ، والزائد وهو العالم غير النحوي يكون مشكوكاً.
وهكذا الحال في لا تكرم الفاسق ، المردّد بين خصوص مرتكب الكبيرة أو مطلق المرتكب ولو صغيرة ، فإنّ القدر المتيقّن هو حرمة مرتكب الكبيرة ، ويكون تحريم إكرام مرتكب الصغيرة فقط مشكوكاً ، هذا كلّه في العموم الشمولي الانحلالي.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ١٩٤.
(٢) في الحاشية المتقدّمة في الصفحة : ٢٤٨ وما بعدها.