الصورة الثالثة التي ذكرها في الكفاية (١) لوجوب الاجتناب عن المتلاقيين. وكذلك ينفع في إبطال الصورة الأُولى التي ذكرها لوجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ دون الملاقى. وأمّا الصورة الثانية من ذلك ، وهي ما لو كان الملاقى ـ بالفتح ـ خارجاً عن الابتلاء حين العلم الاجمالي ، ثمّ بعد الملاقاة عاد إلى الابتلاء ، فلا ينفع في إبطالها ما أُفيد في هذه الجملة من كون التكليف المعلوم بين الملاقى ـ بالفتح ـ وطرفه سابقاً في الزمان أو في الرتبة على التكليف المعلوم بالاجمال بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف أصله ، وذلك لأنّ النجاسة في الملاقى ـ بالفتح ـ وإن كانت سابقة في الزمان أو في الرتبة على نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ ، إلاّ أنّ نفس النجاسة ليست من التكاليف كي يكون العلم بها منجّزاً قبل نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ ، وإنّما المدار في ذلك على وجوب الاجتناب ، والمفروض أنّه لم يتحقّق إلاّبعد العود إلى محلّ الابتلاء الذي هو متأخّر زماناً عن الملاقاة.
وهكذا الحال فيما لو كان الملاقى ـ بالفتح ـ عند حصول العلم الاجمالي بالنجاسة المردّدة بينه وبين طرفه مضطرّاً إلى ارتكابه ، ولكن بعد الملاقاة ارتفع الاضطرار المذكور ، فإنّه أيضاً نقول فيه : إنّ نجاسة المضطرّ إليه وإن كانت سابقة زماناً على نجاسة ملاقيه ، إلاّ أن المدار على وجوب الاجتناب ، وهو في الملاقى ـ بالفتح ـ متأخّر زماناً عن وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ ، فلا يمكن أن يكون العلم المردّد بين وجوب الاجتناب عن الملاقى ـ بالفتح ـ بعد رفع الاضطرار إليه وبين طرفه موجباً لانحلال العلم الاجمالي بالاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف أصله.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣٦٣.