قوله : فنقول : إنّه يعتبر في تأثير العلم الاجمالي واقتضائه التنجيز بقاؤه على صفة حدوثه وعدم تعقّبه بما يوجب انحلاله وتبدّل المنكشف به لأنّ اعتبار العلم الاجمالي إنّما هو لكونه طريقاً وكاشفاً عن التكليف المولوي ... الخ (١).
توضيح ذلك : هو أنّه لو دار المعلوم بالاجمال بين كونه تكليفاً سابقاً وكونه تكليفاً لاحقاً ، مثل أن يعلم إجمالاً بنجاسة أحد الاناءين الصغير والكبير ، بأن يعلم بوقوع نجاسة إمّا الآن في الصغير أو بالأمس في الكبير ، فكان التكليف بالاجتناب المردّد بينهما مردّداً بين كونه قد توجّه إليه فعلاً أو أنّه كان متوجّهاً إليه من الأمس ، فلا شبهة في تأثير العلم الاجمالي المذكور ، لكونه علماً بأنّه قد اشتغلت ذمّته بوجوب الاجتناب ، إمّا من الآن أو من الأمس. لكن لو فرضنا أنّ الكبير كان معلوم النجاسة وأنّه يجب الاجتناب عنه من الأمس ، ثمّ بعد ذلك العلم التفصيلي حصل له العلم الاجمالي بوقوع نجاسة في أحد الاناءين المذكورين ، فهو حين العلم بوقوع النجاسة في أحدهما وإن علم وجداناً بأنّه إمّا مكلّف بوجوب الاجتناب عن الصغير أو بوجوب الاجتناب عن الكبير ، لكنّه لمّا كان قبل هذا يعلم تفصيلاً بوجوب الاجتناب عن الكبير ، لم يرجع علمه الاجمالي المذكور إلى العلم بأنّه قد اشتغلت ذمّته بوجوب الاجتناب على كلّ من طرفي هذا العلم ، بل يرجع ذلك العلم الاجمالي إلى العلم بأنّه قد اشتغلت ذمّته بوجوب الاجتناب عن الكبير والشكّ في انشغالها بوجوب الاجتناب عن الصغير ، وفي الواقع أنّ هذا العلم الاجمالي بوجوب الاجتناب صوري محض ، ولا حقيقة له إلاّ الشكّ في اشتغال ذمّته بوجوب الاجتناب عن الصغير مضافاً إلى ما كان يعلمه من
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٨٧.