ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يقطعا رزقا إن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة أو نقصان فإن أصاب أحدكم مصيبة في أهل أو مال أو نفس ورأى عند أخيه غفيرة في أهل أو مال أو نفس فلا تكونن عليه فتنة فإن المرء المسلم لبريء من الخيانة ما لم يغش دناءة تظهر فيخشع لها إذا ذكرت
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « غفيرة » قال السيد الرضي رضياللهعنه في نهج البلاغة : الغفيرة هاهنا الزيادة والكثرة من قولهم للجمع الكثير الجم الغفير والجماء الغفير ، ويروي عفوة من أهل أو مال ، والعفوة الخيار من الشيء يقال : أكلت عفوة الطعام أي خياره انتهى.
وقال ابن ميثم رحمهالله : في قوله « ما لم يغش » ما هاهنا بمعنى المدة وكان كالفالج خبر إن وتظهر صفة لدناءة.
وقوله عليهالسلام : « فيخشع » إن حملنا الخشوع على المعنى اللغوي وهو غض الطرف ، والتطأمن كان عطفا على تظهر.
وحاصل المعنى : أن المسلم مهما لم يرتكب أمرا مسيئا [ خسيسا ] يظهر عنه فيكسب نفسه خلقا رديئا ، ويلزمه بارتكابه الخجل من ذكره بين الخلق إذا ذكروا الحياء من التعبير به ويعزى له لئام الناس وعوامهم في فعل مثله ، وقيل : في هتك سره فإنه يشبه الفالج وإن حملناه على المعنى العرفي ، وهو الخضوع لله عز وجل والخشية منه فيحتمل أن تكون الفاء في قوله فيخشع للابتداء ، والمعنى بل يخشع لها ويخضع عند ذكرها ويتضرع إلى الله هربا من الوقوع في مثلها ويكون