القبلة الجهة التي كانت عليها ـ وهي الكعبة ـ لان رسول الله كان يصلي بمكة إلى الكعبة ، ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة تألفا لليهود ، ثم تحول إلى الكعبة. فيقول : وما جعلنا القبلة التي يجب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولا بمكة ، يعني وما رددناك إليها الا امتحانا للناس ، كقوله ( وما جعلنا عدتهم الا فتنة ) (١).
ويجوز أن يكون بيانا للحكمة في جعل بيت المقدس [ قبلته ، يعنى أن أصل أمرك أن تستقبل الكعبة وان استقبالك بيت المقدس ] (٢) كان أمرا عارضا لغرض ، وانما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها قبل وقتك هذا ـ وهي بيت المقدس ـ لنمتحن الناس.
وعن ابن عباس : كان قبلته بمكة بيت المقدس ، الا أنه كان يجعل القبلة بينه وبينه.
( مسألة )
( شطر المسجد الحرام ) نحوه. وقرأ أبى ( تلقاء المسجد الحرام ).
وشطر نصب على الظرف ، أي اجعل تولية الوجه تلقاء المسجد الحرام ، أي في جهته وسمته ، لان استقبال عين الكعبة فيه حرج عظيم على البعيد.
وذكر المسجد الحرام دليل على أن الواجب مراعاة الجهة دون العين ، فعلى هذا الكعبة قبله من كان في المسجد الحرام ، والمسجد قبلة من كان في الحرم ، والحرم قبلة من نأى من أي جانب كان ، وهو شطر المسجد وتلقاؤه. وقراءة أبي ( ولكل قبلة ) إشارة إلى ما ذكرنا.
وقوله تعالى ( هو موليها ) أي هو موليها وجهته ، فحذف أحد المفعولين.
__________________
(٢) سورة المدثر : ٣١.
(١) الزيادة ليست في ج.