وقوله ( أنزل فيه القرآن ) قال الصادق عليهالسلام : ان الله أنزل جميع القرآن في ليلة القدر إلى السماء الدنيا ، ثم أنزل على النبي صلىاللهعليهوآله بعد ذلك نجوما (١).
وقيل ابتدئ انزاله في ليلة القدر من شهر رمضان (١).
فان قيل : كيف يجوز أن يقال أنزل في ليلة واحدة وفى الآية اخبار عما كان ، ولا يصلح ذلك قبل أن يكون.
قلنا : يجوز ذلك كما قال تعالى ( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار ) (٢) ، أي إذا كان يوم القيامة نادى أصحاب الجنة أصحاب النار. ومثله ( لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) (٣) و ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ) (٤) ، على أنه إذا كان وقت كذا أنزل لقد نصركم الله. والحكمة في أثنائه على اللوح المحفوظ ليكون لطفا للملائكة.
وعلى هذا مسألة ، وهي أن بيان الأحكام الشرعية انما يكون بالمواضعة وبما يتبع ذلك ، فالأول مثاله الكلام والكتابة [ والثاني هو الإشارة والافعال ، فالنبي عليهالسلام يصح أن يبين الاحكام بالوجوه الأربعة ولا يصح البيان من الله الا بالكلام والكتابة ] (٥) ، فان الإشارة لا تجوز عليه ، والافعال التي تكون بيانا يقتضي مشاهدة فاعلها على بعض الوجوه ، وذلك يقتضي مشاهدته. أما الكتابة فقد بين الله تعالى للملائكة بها في اللوح المحفوظ.
وقوله ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ناسخ للفدية على قول من قال بالتخيير على ما تقدم ، وناسخ للفدية أيضا في المراضيع والحوامل عند من ذهب
__________________
(١) انظر تفسير البرهان ١ / ١٨٢.
(٢) سورة الأعراف : ٤٤.
(٣) سورة آل عمران : ١٢٣.
(٤) سورة التوبة : ٢٥.
(٥) الزيادة ليست في ج.