القاطع وما عداه باق تحت الظاهر ، فان تعلق المخالف بقوله ( وآتوا حقه يوم حصاده ) (١) وانه عام في جميع الزروع وغيرها مما ذكر في الآية.
فالجواب عنه : انا لا نسلم أن قوله ( وآتوا حقه ) يتناول العشر ونصف العشر المأخوذ على سبيل الزكاة ، فمن ادعى تناوله لذلك فعليه الدلالة.
وعند أصحابنا أن ذلك يتناول ما يعطى المسكين والفقير المجتاز وقت الحصاد والجذاذ (٢) من الجفنة والضغث (٣) ، فقد رووا ذلك عن الأئمة عليهمالسلام ، فمنه ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : ليس ذاك الزكاة ، ألا ترى أنه قال ( ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) (٤).
وهذه نكتة منه عليهالسلام مليحة ، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر ، والزكاة مقدرة. وليس لاحد أن يقول : ان الاسراف ههنا هو أن يعطى غير المستحق. لان ذلك مجاز ، ولا يجوز ترك الظاهر الذي هو الحقيقة والخروج إلى المجاز الا بدليل ، ولا دليل ههنا.
وروي عن أبي عبد الله عليهالسلام انه قيل له : يا بن رسول الله وما حقه؟ قال : يناول منه المسكين والسائل (٥).
والأحاديث بذلك كثيرة ، ويكفي احتمال اللفظ. وإن كان يقوي هذا التأويل أن الآية تقتضي أن يكون العطاء في وقت الحصاد والعشر المفروض أو نصفه في
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٤١.
(٢) قال الجوهري : جذ النخل يجذه أي صرمه ، واجذ النخل حان له أن يجذ ، وهذا من الجذاذ والجذاذ ـ أي بفتح الجيم وكسره ـ مثل الصرام والصرام ( هـ ج ).
(٣) الجفن قضبان الكرم ، الواحدة جفنة ، قضبت أي قطعت أغصانه أيام الربيع ، قضبه أي قطعه والضغث قطعة حشيش مختلطة الرطب باليابس ـ من هامش نسخة م.
(٤) تفسير البرهان ١ / ٥٥٥.
(٥) تفسير البرهان ١ / ٥٥٦.