ولا الافتاء إلّا بقطع ويقين ومع فقده يجب التوقّف ، وأنّ اليقين المعتبر فيهما قسمان : يقين متعلّق بأنّ هذا حكم الله في الواقع ، ويقين متعلّق بأنّ هذا ورد عن معصوم فإنّهم عليهمالسلام جوّزوا لنا العمل به قبل ظهور القائم عليهالسلام وإن كان في الواقع وروده من باب التقية ولم يحصل لنا منه ظنّ بما هو حكم الله تعالى في الواقع والمقدّمة الثانية متواترة عنهم معنى *.
فائدة
المعتبر من اليقين في البابين ما يشمل اليقين العادي فلا يتعيّن تحصيل ما هو
______________________________________________________
* أمّا إنّ جميع ما تحتاج إليه الامّة في التكليف قد ورد حكمه من الله ـ سبحانه وتعالى ـ فلا شكّ فيه. وأمّا إنّ ذلك مخزون عند الأئمّة عليهمالسلام فإن كان المراد به أنّه معلوم عندهم فهو حقّ. وإن كان المراد به أنّ النبيّ خصّهم بعلمه دون غيرهم فهذا لا يجوز فيما يحتاج التكليف إليه ، لأنّه مرسول إلى تبليغ الناس كافّة ، فكيف يجوز إخفاؤه عنهم. نعم ، بعض ما لا يتوقّف عليه التكليف من الأسرار والحكم اختصّهم بها ـ صلوات الله عليهم ـ وأمر الرسول صلىاللهعليهوآله بأنّ جميع ما يشتبه بعد تبليغه أو ينسى يجب على الأئمّة الرجوع إلى كتاب الله وعترته فيه.
وأمّا القرآن فإنّما انزل هدى ورحمة للعالمين ، والأحكام الّتي تضمّنها الظاهر منها الّتي لا يتحمّل الشكّ لا ريب في فهم المقصود منه. وأمّا المحكم والمتشابه فقد ردّ الله سبحانه علمه إلى أهل الذكر والعلماء ، ولا شكّ أنّ الأئمّة عليهمالسلام أهل ذلك.
وأمّا قوله : إنّه لا يجوز استنباط الأحكام من ظواهر الكتاب ولا ظواهر السنن النبويّة ما لم يعلم أحوالهما من جهة أهل الذكر فمسلّم إن خفي علم ذلك على غيرهم ولكن أمكن استفادته منهم عليهمالسلام صريحا ، وأمّا إذا لم يمكن ذلك بأن لا يوجد من آثارهم نصّ صريح يعتمد عليه في مسألة بعد تمام التفحّص والاجتهاد ، فما الّذي يمنع من استنباط الحكم فيها من اصول وقواعد ترجع إليهم عليهمالسلام ولا تخرج عن مذهبهم بالقوّة الّتي جعلوا حصولها العمدة في الهداية إلى الصواب؟ لأنّها إنّما يكون عطيّة من الله سبحانه وموهبة إلهيّة تحصل بعد تحقّق الاجتهاد ، مصداقا لقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) فلا تحصل إلّا لمن أراد الله إيصاله إلى الحقّ والصواب.
والمصنّف ـ سامحه الله ـ أوّلا ينقل عن القدماء أشياء بمجرّد الدعوى من غير برهان ،