مسائل محمّد بن عليّ بن عيسى ، قال : كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتهما؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب (١).
والأحاديث الصريحة في حصر المسلم في المؤمن والناصبيّ والضالّ (٢) وفي تفسير الضالّ بمن لم يعرف مذهب الإماميّة ولم ينصب العداوة له (٣).
ويمكن جعل المناقشة بين الفريقين لفظية بأن يقال : المراد من نصب العداوة لأهل البيت عليهمالسلام ما يعمّ نصب العداوة لهم بأعيانهم ونصب العداوة لهم تحت قاعدة كلّية ، مثل أن يقال نبغض كلّ من يبغض الشيخين.
التاسعة : أنّه تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأنّه لا بدّ في كلّ زمان من معصوم منصوب من قبله تعالى ، ليكون حجّة على الناس أجمعين من لدن آدم عليهالسلام إلى انقراض الدنيا (٤) فعلى هذا يكون معنى الفترة عندنا : استتار الإمام خوفا من أشرار الناس استتارا ينتهي إلى عدم بلوغ الدعوة إلى جمع من الناس ، وإلى عدم تمكّن جمع آخر من أخذ كلّ الأحكام منه عليهالسلام.
العاشرة : أنّه يستفاد من هذه الروايات أنّ أهل الفترة ـ أي القسم المتعارف منه وهو الّذي من لم تبلغه الدعوة ومن يحذوا حذوهم ـ لم يتعلّق به تكليف أصلا ، أمّا بالمعارف فلأنّها من الله تعالى مطلقا ، وأمّا بغيرها فلأنّه يستفاد ممّا جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله كما مرّ تحقيقه. وقد وقع من جميع الفرق غير الأخباريّين من أصحابنا إفراط وتفريط في مسألة أهل الفترة ، والسبب فيه أنّهم لم يأخذوها من صاحب الوحي واتّكلوا على مجرّد عقولهم فيها.
واعلم أنّ الاصوليّين وضعوا بابا لتحقيق أنّ الأفعال الاختيارية الغير الضرورية مع قطع النظر عن خطاب الشارع كيف يكون حكمها؟ ليفرّعوا عليه حكم واقعة لم يبلغ العبد فيها خطاب من جهة الشارع سواء كان من أهل الفترة أو لم يكن.
فقال صاحب جمع الجوامع من الشافعية : حكّمت المعتزلة العقل ، فإن لم يقض
__________________
(١) السرائر ٣ : ٥٨٣.
(٢) راجع ص ٥٤٧ ، الهامش ٣.
(٣) نور البراهين ١ : ٥٨.
(٤) الكافي ١ : ١٧٨ ـ ١٧٩.