وأمّا طريقتهم فهي أنّهم لم يعتمدوا فيما ليس من ضروريّات الدين من المسائل الكلامية والاصولية والفقهية وغيرها من الامور الدينية إلّا على الأخبار الصحيحة الصريحة المروية عن العترة الطاهرة عليهمالسلام.
ومعنى الصحيح عندهم مغاير لما اصطلح عليه المتأخّرون من أصحابنا على وفق اصطلاح العامّة ، وأوّلهم العلّامة ـ على ما سيجيء نقله عن بعض أصحابنا ـ فإنّ معناه عندهم ما علم علما قطعيا وروده عن المعصوم ولو كان من باب التقية. وباصطلاح القدماء تكلّم السيّد الإمام العلّامة والقدوة الهمام الفهّامة سيّد المتكلّمين وسند الفقهاء والاصوليّين السيّد الأجل المرتضى رضى الله عنه في جواب المسائل التبّانيات المتعلّقة بأخبار الآحاد ، حيث قال : إنّ أكثر أخبارنا المرويّة في كتبنا معلومة مقطوعة على صحّتها ، إمّا بالتواتر من طريق الإشاعة والإذاعة أو بأمارة وعلامة دلّت على صحّتها وصدق رواتها ، فهي موجبة للعلم مقتضية للقطع وإن وجدناها مودعة في الكتب بسند مخصوص (١) هذا الكلام نقله صاحب كتاب المنتقى في
______________________________________________________
والمتأخّرين له أهلا غيره. وأكّد ذلك القبيح عند العقلاء بالعود إلى ما يوجبه زيادة الهجس في الشيء من المنامات والتخيّلات الواهية الّتي لا يليق بأدنى كامل ذكرها باللفظ ، فضلا عن تدوينها والافتخار بها في كتاب!
ومن هذا وغيره عند تأمّل ... (٢) يعلم خطاؤه في تصاويره وأفكاره.
وما فسّر الصادق عليهالسلام به الآية فضله عامّ جميع العلماء الإماميّة ، لا انفراده بهذه الخصوصيّة كما يظهر من سياق مدحه لنفسه ، لأنّ العلماء ليس لهم استناد ولا حكم
في شيء من الأحكام إلّا من حديثهم عليهمالسلام تفصيلا وإجمالا ؛ على أنّ هذا الأمر الّذي يدّعي وجوب إظهاره عليه من بيان خطاء المتقدّمين عليه وأنّ ما اعتقده من هذه الدعاوي هو الحقّ المبين والصراط المستقيم ، وأنّهم كانوا في ضلالة من بعدهم عن الحديث وعدم رجوعهم إليه وترجيحهم العمل بالظنّ الفاسد على العمل بالخبر القاطع واتّباعهم للعامّة وقد نهوا عن اتّباعهم وامروا بمخالفتهم ، لو كان ذلك حقّا لوجب على الله سبحانه من باب اللطف وبركة الإيمان وشرف
__________________
(١) لم نعثر عليه في مجموعة رسائله.
(٢) هنا كلمة مختصرة ، تحتمل المنصف ، أو المصنّف.