بصيغ العقود لكونها ظاهرة منضبطة ، أو لعدم انضباطها كالمشقّة ، فإنّ لها مراتب لا تحصى وتختلف بالأحوال والأشخاص اختلافا عظيما.
ثمّ ليس كلّ مرتبة مناطا ولا يمكن تعيين مرتبة منها ، إذ لا طريق إلى تمييزها بذاتها وضبطها في نفسها ، فنيطت بالسفر (١).
ـ الوجه الخامس ـ
إنّ المسلك الّذي يختلف باختلاف الأذهان والأحوال والأشخاص لا يصلح لأن يجعله تعالى مناط أحكام مشتركة بين الامّة إلى يوم القيامة.
ـ الوجه السادس ـ
إنّ الشريعة السهلة السمحة كيف تكون مبنيّة على استنباطات صعبة مضطربة؟
ـ الوجه السابع ـ
إنّ مفاسد ابتناء أحكامه تعالى على الاستنباطات الظنّية أكثر من أن تعدّ وتحصى ، من جملتها : أنّه يفضي إلى جواز الفتن والحروب بين المسلمين ، وسدّ هذا الباب يؤدّي إلى دفعها والتوقّف والتثبّت في الامور الشرعية إلى ظهور الحقّ واليقين.
ألا ترى أنّ علماء العامّة وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ذكروا في مقام الاعتذار عن الحروب والفتن الواقعة بين الصحابة العدول الأخيار انّ السبب فيها اختلاف اجتهاداتهم في أحكام الله تعالى؟ (٢) *. ومن جملتها : أنّه إذا وقعت خصمة
______________________________________________________
* أقول : العجب ممّن يعتقد أنّ الحروب الّتي وقعت بين الصحابة كان سبب الإقدام عليها وتجويزها الاجتهاد! ومن المعلوم الواضح الّذي لا شكّ فيه أنّه ما كان منشؤها إلّا حبّ الرئاسة والملك والتغلّب على الناس بالسلطنة ، لا من جهة الطرف الّذي يعتقدون خطاه في اجتهاده ، وإنّما اعتذر من اعتذر عنهم بذلك للخوف من الوقوع في فساد مذهبهم بحجّة لا يتّجه لهم دفعها وإلّا
__________________
(١) شرح القاضي : ٣٦١.
(٢) شرح نهج البلاغة ٢٠ : ٣٤.