المقدّمة في ذكر ما أحدثه العلّامة الحلّي وموافقوه ، خلافا لمعظم الإماميّة أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وهو أمران :
أحدهما : تقسيم أحاديث كتبنا المأخوذة عن الاصول الّتي ألّفها أصحاب الأئمّة عليهمالسلام بأمرهم ـ لتكون مرجعا للشيعة في عقائدهم وأعمالهم ، لا سيّما في زمن الغيبة الكبرى ؛ لئلّا يضيع من كان في أصلاب الرجال من شيعتهم ـ إلى أقسام أربعة. وعلى زعمه معظم تلك الأحاديث الممهّدة في تلك الاصول بأمرهم عليهمالسلام غير صحيح ، وزعمه هذا نشأ من حدّة ذهنه واستعجاله في التصانيف ، وهو بين أصحابنا نظير الفخر الرازي بين العامّة *.
______________________________________________________
تصوّره لأحد من العلماء الخاصّة والعامّة فضلا عن موافقة عليه ، وما نقله من ظاهر كلام بعضهم وتشبّث به في الدلالة على مطلوبه ليس فيه دلالة صريحة ولا فحوى عند من تأمّله وعرف مساقه ، ولا شكّ أنّ إنكار وجود الأحاديث الضعيفة عن الأئمّة عليهمالسلام من قبل ومن بعد مكابرة ومخالفة للوجدان ، كيف! وقد ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ستكثر بعدي القالة عليّ (١) وورد أيضا غيره بمعناه وقال صلىاللهعليهوآله : إنّ لكلّ رجل منّا رجلا يكذب عليه (٢) ومثل ذلك كثير لمن تتبّعه.
ولو لا تفرقة الأصحاب وتميز الصحيح عن غيره لأشكل الحكم والرجوع إلى الاصول الأربعمائة المذكورة المشهورة لم يتيسّر لكلّ أحد الوصول إليها ولم يعلم أيضا صحّتها كلّها على ما سيجيء بيانه.
* أوّل ما في هذا الكلام أيضا من الشناعة : نسبة الإحداث إلى الجليل الأوحد العلّامة ـ قدّس الله روحه ـ فإنّ في الحديث : إنّ شرّ الامور محدثاتها وكلّ محدث بدعة وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار (٣).
وثانيا : أنّ الأحاديث في نفسها إذا اعتبرها المعتبر لا تخرج عن هذا التقسيم وهو وصف ثابت لها ، سواء صرّح به أو لم يصرّح ، وليس جميع ما نقل عن الأئمّة عليهمالسلام من الاصول وغيرها محقّق الصحّة بتمامه ، بل الاصول المنصوص عليها منهم عليهمالسلام معروفة ، وما سواها ، منها : ما حصل عن الأصحاب بيان ضعف مؤلّفها ، ومنها : ما كان مؤلّفها يعتمد الرواية عن الضعفاء ، ومنها : ما يقبل
__________________
(١) المعتبر ١ : ٢٩.
(٢) راجع الكشّي : ٣٠٥ ، الرقم ٥٤٩.
(٣) البحار ٢ : ٣٠١ ، ح ٣١.