وأمّا الأمثلة الموعودة للصورة الثانية
من صورتي الاستصحاب المعتبرتين.
فمنها : صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام قال ، قلت : له الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء ، قلت : فإن حرّك إلى جنبه شيء ولم يعلم به؟ قال : لا حتّى يستيقن أنّه قد نام حتّى يجيء من ذلك أمر بيّن ، وإلّا فإنّه على يقين من وضوئه ولا تنقض اليقين أبدا بالشكّ ولكن تنقضه بيقين آخر (١).
وموثّقة عمّار الساباطي ـ بزعم العلّامة ومن وافقه من أصحابنا ، وأمّا على ما حقّقناه فهي كأخواتها كلّها صحيحة بمعنى أقوى من المعنى الّذي اصطلح عليه العلّامة ومن وافقه من أصحابنا على وفق اصطلاحات العامّة ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك (٢).
وما روي عن الصادق عليهالسلام بعدّة طرق : الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر (٣).
وصحيحة زرارة قال : قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من منيّ فعلّمت أثره إلى أن اصيب له الماء ، فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت أنّ بثوبي شيئا وصلّيت ، ثمّ إنّي ذكرت بعد ذلك؟ قال : تعيد الصلاة وتغسله. قلت : فإنّي لم أكن رأيت موضعه وعلمت أنّه قد أصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلمّا صلّيت وجدته؟ قال : تغسله وتعيد. قلت : فإن ظننت أنّه قد أصابه ولم أتيقّن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثمّ صلّيت فرأيت فيه؟ قال : تغسله ولا تعيد الصلاة ، قلت : لم ذلك؟ قال : لأنّك كنت على يقين من طهارتك ثمّ شككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا. قلت : فانّي قد علمت أنّه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله؟ قال : تغسل من ثوبك الناحية الّتي ترى أنّه قد أصابها حتّى تكون على يقين من طهارتك. قلت : فهل عليّ إن شككت في أنّه أصابه شيء أن أنظر فيه؟ قال : لا ولكنّك إنّما تريد أن يذهب الشكّ الّذي وقع في نفسك. قلت : إن رأيته في ثوبي وأنا في الصلاة؟ قال : تنقض
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ ، ح ١١.
(٢) التهذيب ١ : ٢٨٥ ، ذيل الحديث ١١٩.
(٣) الكافي ٣ : ١ ، ح ٢.