ومن جملتها : المتحيّر في تعيين جهة القبلة.
بخلاف ما إذا وجب على رجل وطء امرأته واشتبهت بأجنبية ، فإنّه وجب عليه الترك ، لأنّ وطء الأجنبيّة محرّم مطلقا. بخلاف الجمع بين القصر والإتمام فإنّه محرّم عند العلم بوجوب إحداهما بعينها ، لا مطلقا.
السؤال الحادي عشر
كيف عملكم معاشر الأخباريّين فيما إذا كانت الحيرة في غير أحكام الله تعالى؟
______________________________________________________
وأمّا ما أجاب به في مشروعيّة الاحتياط فغير واف بدفع محذور التشريع ، وقد قدّمنا أنّ الاحتياط لا يشرع عند ترجّح الحكم وظهور أدلّته بحيث لا يبقى لمخالفه إلّا الاحتمال الضعيف الّذي لا يمكن معه تخيّل الإذن فيه من الشارع عند نيّته ليكون عبادة. وممّا ينبّه على ذلك أنّ احتمال آخر يوم من شعبان أن يكون من رمضان لا مانع منه بحسب الإمكان ، ولا يجوز الاحتياط فيه بالصوم بنيّة أنّه من رمضان ، لأنّه تشريع محرّم.
وعدّ المصنّف مسألة المسافر بعد نيّة الإقامة وصلاة فريضة من جملة مسائل الحيرة والتوقّف غريب! لأنّ المحقّق ـ قدّس الله روحه ـ قال في شرائعه في بحث المسافر : ولو نوى الإقامة ثمّ بدا له رجع إلى التقصير ، ولو صلّى صلاة واحدة بنيّة الإتمام لم يرجع. وقال الشارح أخي السيّد ـ قدّس الله روحه ـ في المدارك عند شرحه لهذه المسألة : هذا الحكم ثابت بإجماعنا ، والأصل فيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولّاد الحنّاط قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيّام فاتمّ الصلاة ثمّ بدا لي بعد أن لا اقيم بها فما ترى لي اتم أم اقصّر؟ فقال : إن كنت دخلت المدينة وصلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصّر حتّى تخرج منها ، وإن كنت حين دخلتها على نيتك المقام فلم تصلّ فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتّى بدا لك أن لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشرا وأتمّ ، وإن لم تنو المقام فقصّر ما بينك وبين شهر ، فإذا مضى لك شهر فأتمّ الصلاة (١).
وبعد الإجماع والحديث والمصنّف يعتقد أنّ كلّ الأحاديث مقطوع بصحّتها وثبوتها ، فكيف يسوّغ في هذه المسألة التوقّف والاحتياط؟
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٤٦٣ ، الوسائل ٥ : ٥٣٢ ب ١٨ من أبواب صلاة المسافر ، ح ١.