فائدتان شريفتان
جعلناهما خاتمة الخاتمة :
الاولى : أنّه نقل القاضي الميبدي في الفواتح عن الباب الثلاثمائة والستّة والستّين من الفتوحات المكّية للشيخ محي الدين العربي : أنّ لله خليفة يخرج من عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله من ولد فاطمة يواطئ اسمه اسم رسول الله صلىاللهعليهوآله جدّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، يبايع بين الركن والمقام ، يشبه رسول الله صلىاللهعليهوآله في الخلق ـ بفتح الخاء ـ وينزل عليه في الخلق ـ بضمّ الخاء ـ أسعد الناس به أهل الكوفة ، يعيش خمسا أو سبعا أو تسعا ، يضع الجزية ، ويدعو إلى الله بالسيف ، ويرفع المذاهب عن الأرض ، فلا يبقى إلّا الدين الخالص ، أعداؤه مقلّدة العلماء أهل الاجتهاد ، لما يرونه
______________________________________________________
اعتقد في نفسه غاية النقص والتقصير والعبادة وغيرها وأصبح زاريا على نفسه ومعترفا بالقصور في عبادته وطاعته وراجيا من الله عفوه وكرمه ، أحبط الله عمل الأوّل وأعطى الثاني جليل الكرامة والتفضّل (١).
والاعتقاد الأوّل هو الموجب غالبا لمزيد هذه التخيّلات ، حيث أنّها مركوزة في حاسّة الخيال بالدوام فتوجب لصاحبها الإقدام على الدعوى إذا عرضت له في المنام فيظنّها مقوّية ومصدّقة للمركوز سابقا في خيالاته ، فيرى الشيء كأنّه في اليقظة.
وقد شاركه في ذلك بعض من ينتسب إليه في التلمذة وحذا حذوه في دعوى المنامات ، وما رأينا ترتّب على ذلك ـ رحمهماالله وسامحهما ـ إلّا ما يبعد فعله والإصرار عليه عن العقل والصواب واستحقاق اللوم والذمّ عليه.
ولو كان ما أتعب المصنّف نفسه فيه مجرّد إظهار ما اعتقده من الصواب وتنبيه الغافل من غير التعرّض الغير الجائز لحال العلماء ووصفهم بالفسق واتّباع العامّة وتعطيل أحاديث المعصومين وتخريب الدين وما يزيد عن ذلك في القباحة والشناعة ، ما كان لأحد عليه لوم ولا كلام ، لأنّه لو لم يكن لذلك نفع للناس فقد سوّد صحفه ولا ضرر فيه على أحد. وربما أن يكون منامه وما رأى فيه من الشجرة تأويله : أن يرى قباحة الانفراد في غير محلّه في مقام النكير
__________________
(١) انظر الكافي ٢ : ٣١٣ ، ح ٤.