الأريب وأن تعتمد على أفكارك وأنظارك ، وعليك التمسّك بأصحاب العصمة وهم أرباب الوحي في كلّ مسألة يمكن عادة أن يقع فيها زلّة *.
ومن تلك الجملة (١) :
أنّهم زعموا أنّ كلّ ما يستلزم محالا ذاتيا فهو أيضا محال ذاتية ، ومن الامور
______________________________________________________
* إنّ أصحاب الشرع لم ينقل عنهم ما ينافي هذا الأمر ، بل الّذي يظهر من كلام الفقهاء في الطمأنينة بعد الرفع من الركوع أنّ الواجب منه ما يزيد على السكون الضروري ، كما صرّح به الشيخ بهاء الدين رحمهالله في رسالته الصلاتيّة وغيره ، وفسّروا الضروريّ باللازم حصوله بين الفعلين المختلفين ما يوافق ذلك. ويناسب هذا المعنى ما ورد في الأثر : أنّ الشمس عند وصولها إلى نقطة الاعتدال بين المشرق والمغرب الواقعة على خطّ نصف النهار لا بدّ من وقوفها في قبّة الفلك آنا ما ، وسمّوه وقت المؤامرة ، لأنّها تستأمر الحقّ عزوجل في حركتها لنحو المغرب (٢) وذلك السكون مختصّ بكونه بين الحركتين ، ففيه إشعار بحصول أصل السكون بينهما حيث لم يفرض إلّا بعد انتهاء حركة المشرق قبل الانتقال إلى حركة المغرب. وما ذكره من المثال لا يتّضح فيه للحسّ عدم السكون ، بل ربما يتخيّل عند ذلك وقوف ما بعد انتهاء العلوّ وإرادة الهبوط. وما منعه من نفي الآنين بين الحركتين أيضا غير ظاهر ، لأنّ نهاية الوقوف ومبدأ الحركة يصدق الآن عليهما وهما متغايران. وبعد هذا فأيّ محذور يترتّب على اعتقاد أحد الأمرين في هذه المسألة يوجب هذا التمدّح العظيم الّذي ادّعاه لنفسه وبالغ في التحذير منها؟ ولم يكتف بالكلام على العلماء وتخطئتهم حتّى انتقل إلى فحول الحكماء ، وخطاؤه ثابت في الكلام على الجميع. مع أنّ هذا الإيراد ولزوم الغلط تقتضي نسبته أيضا إلى الأئمّة عليهمالسلام لأنّ كلام الفقهاء راجع إليهم وإلى آثارهم لا خروج لهم عنهم في شيء من الأحكام وإن لم يطّلع المتأخّر على أصل الدليل الصريح.
وأمّا ما ألزم به بعضهم من سكون الحبّة ... إلى آخر كلامه ، فهو غير لازم ، لأنّ هبوط الجسم الثقيل من شاهق لا بدّ أن يتقدّمه ويسبقه انضغاط الهواء له كما هو مشاهد ، فاللازم سكون الحبّة عند وصول الهواء إليها ومنعها من الصعود وردّها بالقسر إلى الهبوط قبل أن يلاصقها جسم الجبل ، وهو أمر ظاهر بالوجدان عند الاختبار والتأمّل.
__________________
(١) هذه الفقرة إلى قوله : ومن تلك الجملة ... في ص ٤٧٥ لم يرد في خ.
(٢) لم نقف على مأخذه.