فان قال : نعم فقد كذب على الله وضلّ ضلالا بعيدا ، وان قال : لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه فقد أقرّ بالحجّة على نفسه وهو ممّن يزعم أنّ الله يطاع ويتّبع أمره بعد قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله. وقد قال الله عزوجل وقوله الحقّ : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ ) (١) وذلك لتعلموا أنّ الله يطاع ويتّبع أمره في حياة محمّد صلىاللهعليهوآله وبعد قبض الله محمّدا صلىاللهعليهوآله وكما لم يكن لأحد من الناس مع محمّد صلىاللهعليهوآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمّد صلىاللهعليهوآله فكذلك لم يكن لأحد من بعد محمّد صلىاللهعليهوآله أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه (٢) انتهى ما أردنا نقله من الرسالة الشريفة.
وأقول : يستفاد من هذه الرسالة الشريفة أربعة مطالب :
أحدها : أنّ علم القرآن وانتزاع الأحكام النظرية منه من خواصّهم عليهمالسلام.
وثانيها : أنّ حجّية الإجماع من تدابير العامّة واختراعاتهم.
وثالثها : أنّ بناء الفتاوى على الرأي ـ أي الاجتهاد الظنّي ـ غير جائز.
ورابعها : أنّ من خالف في فتواه ما أنزل الله فقد ضلّ ضلالا بعيدا *. فاعتبروا يا اولي الألباب.
______________________________________________________
* إنّ ما نقله المصنّف وأطال فيه من الآثار سابقا ولاحقا ليس فيه مناسبة لإثبات دعواه ، وإنّما يناسب الردّ على من يعتقد عدم الاحتياج لسؤال الأئمّة عليهمالسلام عمّا اشكل في علم القرآن والحديث ، والمجتهدون من الشيعة منزّهون عن ذلك ، وإنّما اجتهادهم في المسائل الّتي لم يمكنهم علمهم عنهم عليهمالسلام بوجه من الوجوه ولم تصل إليها قدرتهم بعد الجهد والاستقصاء لآثارهم ، فيرجعون حينئذ خوفا من تعطيل الأحكام المنافي للحكمة إلى المأذون لهم فيه من قواعدهم واصولهم عليهمالسلام بوجوه مناسبة تفيد الظنّ عند عدم إمكان العلم المأمور باتّباعه على هذا الوجه في مسائل عديدة ، وليس صدوره عن مجرّد الرأي أو القياس المنهيّ عنه ، ولا مشابها له بوجه من الوجوه ، ولا خارجا عن مذهب الأئمّة عليهمالسلام.
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) روضة الكافي : ٢ ـ ٦ ، ح ١.