اصول اخرى غير الأربعمائة ، يشهد بذلك من تتبّع فهرست الشيخ الطوسي وفهرست النجاشي وفهرست محمّد بن شهرآشوب المازندراني.
ثمّ أقول : بعد أن علمنا وفور أحاديث قدمائنا الصحيحة وكثرة الاصول المجمع على صحّتها ، وعلمنا تمكّن قدمائنا الأفاضل الأعلام المصنّفين من أخذ الأحكام بطريق القطع منهم عليهمالسلام بمشافهة أو بغيرها في مدّة تزيد على ثلاثمائة سنة وتمكّنهم من استعلام حال أحاديث تلك الاصول ، وعلمنا عملهم بها في أزمنتهم عليهمالسلام وعلمنا تقرير الأئمّة عليهمالسلام إيّاهم على ذلك ، وعلمنا أنّ الأئمّة الثلاثة أخذوا أحاديث كتبهم من تلك الاصول ، وعلمنا عدم جواز التلفيق بين المأخوذ من الاصول المجمع عليها وبين ما لا يعتمد عليه من غير نصب علامة مميزة بينهما يلزم أحد الأمرين : إمّا نسبة تخريب المذهب إلى الأئمّة الثلاثة أو القطع بأنّ أحاديث كتبهم كلّها مأخوذة من تلك الاصول المجمع على صحّتها. هكذا ينبغي أن يفهم هذا الموضع والتكلان على التوفيق *.
______________________________________________________
* قد ادّعى المصنّف هنا العلم في مواضع عديدة بغير بيّنة ولا برهان وألزم لوازم كذلك. وممّا يدلّ على خلاف ما ادّعاه وما ألزمه : أنّ الاصول المذكورة لو كانت موجودة في زمن الأئمة الثلاثة وإن كان كلّها صحيحة ، كيف جاز الاختلاف بينها والتضادّ حتّى قال الشيخ رحمهالله في أوّل التهذيب : إنّه لا يكاد يتّفق خبر إلّا بإزائه ما يضادّه ، ولا يسلم حديث إلّا وفي مقابلته ما ينافيه ، حتّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا. وقال بعد ذلك : حتى دخل على جماعة ممّن ليس لهم قوّة في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ شبهة ، وكثير منهم رجع عن اعتقاد الحقّ. وذكر عن شيخه : أنّ أبا الحسن الهاروني العلوي كان يعتقد الحق ويدين بالإمامة ، فرجع عنها لمّا التبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب (١) فبعد هذا الكلام ـ والكليني ذكر قريبا من ذلك ـ كيف يلتبس على عاقل أن يكون أحاديث كتابيه مأخوذة من الاصول الصحيحة الثابتة عنهم عليهمالسلام وكيف تكون تلك الاصول الصحيحة موجودة ولا يجوز الاختلاف فيها على الوجه الّذي ذكره الشيخ ، لأنّ كلام الأئمّة الصحيح عنهم منزّه عن مثل ذلك ، فأيّ اصول حصل فيها هذا الاختلاف غير تلك الاصول الّتي أوجب هذا الفساد العظيم من ارتداد
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢.