ومنها (١) ما في أواخر كتاب الروضة من الكافي أحمد بن محمّد ، عن سعيد بن المنذر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ـ ورواها غيره بغير هذا الإسناد ، وذكر أنّه خطب بذي قار ـ والخطبة الشريفة بطولها مذكورة في الروضة ونحن ننقل منها موضع الحاجة :
ثمّ إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شيء أخفى من الحقّ ولا أظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله صلىاللهعليهوآله وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرّف عن مواضعه ، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ومعهم وليسوا معهم ، لم يبق عندهم من الحقّ إلّا اسمه ولم يعرفوا من الكتاب إلّا خطّه. واعلموا أنّكم لن تعرفوا الرشد حتّى تعرفوا الّذي تركه ، ولن تأخذوا
______________________________________________________
وأمّا ما ادّعى إفادة الرسالة له من الوجوه الأربعة فقوله : « انّ الاجماع من اختراع العامّة » فممنوع ، ولا يلزمنا من اعتباره على معتقدنا فيه محذور ، لأنّا نشترط في حصوله دخول المعصوم فيه ونسمّي ذلك إجماعا ، ولا مشاحّة في الاصطلاح ، وقد أشرنا إلى أنّ السيّد المرتضى ـ قدّس الله روحه ـ نبّه على ذلك.
وأمّا تفسيره الرأي الواقع في كلام الإمام عليهالسلام بمطلق الاجتهاد سواء كان حقّا أو باطلا ، فهو من جملة غرائبه ودعاويه الواهية ، فإنّ كلام الإمام عليهالسلام صريح في أنّه رأي العامّة المساوي للقياس والاستحسان الناشئ عن مجرّد الهوى من غير التفات إلى كتاب أو سنّة ، كاجتهاد معاوية وأمثاله في محاربة أهل الحقّ والدين الّذي اعتذر رواته عنهم (٢) في ذلك بدعواهم الواهية ، فكيف يساوي به من قد أسهر ليله وأجهد نفسه في طلب الحقّ والهداية من الله ـ سبحانه وتعالى ـ حتّى بعد ذلك الجهد والتعب حصل عنده أمر راجح نشأ عن الملكة الّتي منحه الله بها وحصل الإذن فيه منهم عليهمالسلام بالدليل المقرّر في محلّه؟ مع أنّها لا تخرج عن مذهبهم ولا تخالف شيئا ممّا ثبت عنهم ، وما هذه الخيالات الفاسدة إلّا منشؤها عن اعوجاج الفهم وقلّة التدبّر والاعتقاد في النفس غاية الكمال الصائن عن الخطأ ، وهذا غاية الجهل والحماقة!
__________________
(١) لم نتحقّق المعطوف عليه ، والظاهر معناه : ومن الأخبار الواردة في المقام.
(٢) كذا ، والعبارة مختلّة.