عندي إلى الآن أنّ ورودها من باب التقيّة ، وكلّما هو كذلك يجوز لنا العمل به إلى ظهور القائم عليهالسلام وإن كان وروده في الواقع من باب التقيّة. وكلّ واحدة منهما حقّ ، إحداهما عند الاختيار والاخرى عند ضرورة التقية. بخلاف اختلاف الفتاوى المبنيّ على غير ذلك ، فإنّه يستلزم التناقض بينها ، لأنّ كلّ واحد منهم يقول أوّلا : هذا حكم الله في الواقع حال الاختيار بحسب ظنّي ، ثم يقول : كلّ ما هو كذلك يجوز لي ولمقلّدي العمل به قطعا ويقينا (١).
فائدة
انقسام علماء الإماميّة إلى الأخباريّين والاصوليّين مشهور في كتب العامّة كآخر شرح المواقف ، حيث قال : كانت الإماميّة أوّلا على مذهب أئمّتهم حتّى تمادى بهم الزمان فاختلفوا وتشعّبت متأخّروهم إلى المعتزلة وإلى الأخبارية (٢) ، وأوائل كتاب الملل والنحل للشهرستاني حيث قال في باب : الإماميّة كانوا في الأوّل على مذهب أئمّتهم في الاصول ، ثمّ لمّا اختلفوا في الروايات عن أئمّتهم وتمادى الزمان اختار كلّ فرقة طريقة ، فصارت الإماميّة بعضها معتزلة إمّا وعيدية وإمّا تفضيلية ، وبعضها أخبارية إمّا مشبّهة وإمّا سلفية (٣) انتهى كلامه.
وفي كتب الخاصّة ، كنهاية بحر العلوم العلّامة الحلّي قدسسره حيث قال في مبحث العمل بخبر الواحد المظنون العدالة الخالي عن القرائن لترويج ما ذهب إليه من جواز الاعتماد على خبر الواحد في الفروع : أمّا الإماميّة فالأخباريّون منهم لم يعوّلوا في اصول الدين وفروعه إلّا على أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام والاصوليون منهم كأبي جعفر الطوسي وغيره وافقوا على خبر الواحد ولم ينكره سوى المرتضى وأتباعه (٤) انتهى كلامه أعلى الله مقامه (٥) وفيه بحثان آتيان في
______________________________________________________
* هذا التقسيم منشؤه عموم اسم « الإماميّة » للفرق المعروفة المتعدّدة ، لاشتراكهم
__________________
(١) في خ زيادة : من حيث إنّه ظنّي ، لا من حيث وروده من باب التقيّة.
(٢) شرح المواقف ٨ : ٤٢٣.
(٣) الملل والنحل : ١ / ١٦٥.
(٤) نهاية الوصول ( مخطوط ) : ١٤٧.
(٥) هذا التقسيم منشؤه عموم اسم « الإماميّة » للفرق المعروفة المتعدّدة ، لاشتراكهم