فأقول : من أغلاط العلّامة الحلّي : أنّه في مقام ترويج مذهبه والردّ على السيّد الأجلّ المرتضى والردّ على محمّد بن إدريس الحلّي والردّ على المحقّق الحلّي في مسألة العمل بخبر الواحد المظنون العدالة نسب إلى جميع أصحاب الأئمّة عليهمالسلام أنّهم كانوا يعملون في عقائدهم وأعمالهم بخبر الواحد المظنون العدالة الخالي عن القرائن المفيدة للقطع (١) ، ومن المعلوم : أنّ في أصحاب الأئمّة جمعا ذكر الصادق عليهالسلام في شأنهم أنّ هؤلاء أمناء الله في أرضه ، لو لا هؤلاء لاندرست آثار النبوّة (٢) وقال في حقّهم عليهالسلام : لا يزال ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين (٣).
ونسب إلى رئيس الطائفة ذلك أيضا (٤) * وتفرّع على ذلك تناقضات في كلام رئيس الطائفة ذكرها المتأخّرون كالشهيد الثاني في شرح رسالته في فنّ دراية الحديث (٥) مع أنّ المحقّق الحلّي قبل العلّامة الحلّي والشيخ الفاضل الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ـ قدّس الله أرواحهم ـ بعد العلّامة الحلّي فسّروا كلام رئيس الطائفة تفسيرا لا يرد عليه تناقض أصلا على مقتضى تفسيرهما (٦) ورأينا كلام رئيس الطائفة في العدّة صريحا فيما فهمناه.
ومن أغلاطه : أنّه ذكر في اصوله : أنّه إذا جرت مخاصمة بين مجتهدين مبنيّة
______________________________________________________
* إنّ ما نقله عن العلّامة هو صريح كلام الشيخ في العدّة أيضا. وكذلك المحقّق الحلّي يفهم من كلامه ما يقارب ما نقله عن العلّامة. وقد أوردنا كلامهما في ذلك فيما تقدّم. ومدح الأئمّة عليهمالسلام لمن مدحوه لا ينافي ذلك ، لأنّه لا يلزم منه ارتكاب خطأ ولا منكر ، بل إطلاق الصادق عليهالسلام لبعض أصحابه الإفتاء بكلّ من سأله ربما يكون قرينة على ذلك ، لأنّه لا يمكن علم كلّ المسائل بالمشافهة من المعصوم ويجوز أن يعوّل في بعضها على الواسطة. واحتمال التواتر في كلّ الوسائط مستبعد وإذا لم يكن العمل بخبر الواحد مستبعدا ولا يمنع منه العقل عند تعذّر العلم ولا ظاهر البطلان ، فمن أين يلزم عدم جواز نسبته إليهم؟ فكيف وقد ثبت بالأدلّة صحّته.
__________________
(١) نهاية الوصول ( مخطوطة ) : الورقة ١٤٦ س ١٨.
(٢) رجال الكشّي : ١٧٠ ، الرقم ٢٨٦.
(٣) رجال الكشّي : ١٣٧ ، الرقم ٢٢٠.
(٤) نهاية الوصول ( مخطوطة ) : الورقة ١٤٦ س ١٩.
(٥) الرعاية في شرح البداية : ٩٢.
(٦) معارج الاصول : ١٤٧ ، معالم الدين ١٩٨.