[ ومن أغلاط جمع من أهل الاجتهاد والمعروفين بالفضل والصلاح : أنّهم يقولون : سمعنا من مشايخنا متّصلا إلى أصحاب العصمة عليهمالسلام أنّ الولد لرشده أو لغيّه ـ بكسر اللام الأوّل وضمّ اللام الثاني ـ مع أنّ كلّ من له أدنى معرفة باللغة يقطع ببطلان هذا ويقطع بأنّ هذا افتراء بلا امتراء على الأئمة عليهمالسلام ومن المعلوم : أنّ مثل هذا صدر عنهم من باب الإسراع في الامور وعدم التزامهم أن يكون كلامهم بعد التأمّل والتفكّر في أطراف الامور. ثمّ بعد ما ظهر الحقّ ما رضيت نفوسهم بالاعتراف به ، خوفا من أن تنقص درجتهم عند جهّال الناس ، وجعل الرشد في مقابله وقع في كلام الله تعالى : ( قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) ووقع في أبواب اخر من الأحاديث كقوله صلىاللهعليهوآله : « إنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وشبهات بين ذلك » (١) وكتب اللغة كنهاية ابن الأثير وغيرهما مصرّحة بخلاف ما يحكيه عن الأئمّة عليهمالسلام هذا الحاكي ] (٢).
ومن أغلاط جمع منهم : أنّهم يقولون في كثير من الأحاديث الواردة في كمّية الكرّ : إنّها خالية عن ذكر أحد الأبعاد الثلاثة ، لكنّه محذوف ليقاس المحذوف على المذكور ، والحذف مع القرينة شائع ذائع. وفي هذا دلالة على إسراعهم في تفسير الأحاديث وفي تعيين ما هو المراد منها ، والدلالة على ذلك كلّه : أنّ أصحّ أحاديث هذا الباب هكذا : ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته.
وجه الدلالة : أنّه يفهم اعتبار أربعة أشبار في العمق وثلاثة في الآخرين ، فلم تبق دلالة على أنّ حكم المحذوف حكم المذكور مع وجود هذا الاحتمال ، وأنّه يفهم من هذا الحديث الشريف أنّ المراد من أحد المذكورين في الأحاديث العمق ومن الآخر السعة. ومن المعلوم عند كلّ لبيب غير غافل : أنّ معنى « السعة » مجموع الطول والعرض ، فلا حاجة إلى القول بالحذف. ومن له أدنى معرفة بأساليب كلام العرب يعرف أنّهم يقصدون بقولهم : « ثلاثة في ثلاثة » في الثوب وشبهه أنّ كلّ واحد من طوله وعرضه ثلاثة ، ويقصدون به في الحياض والآبار وشبههما أنّ كلّ واحد من
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ ، ح ١٠.
(٢) بين المعقوفتين لم يرد في ط.