على اختلاف اجتهادهما يجب عليهم الرجوع إلى أحد من الرعيّة ليفصل بينهما بقوله « حكمت » فإنّه نصب لفصل الخصومات (١) *.
ومن جملة أغلاطه : ما نقله عنه الشهيد الثاني في شرح الشرائع من قوله : أفتيت بهذا بمجرّد رأي ولم أجد فيه نصّا وأثرا (٢) **.
ومن جملة أغلاط الفاضل الشيخ عليّ : أنّه أمر أهل المشرق بأن يأخذوا الجدي خلف المنكب الأيمن (٣) وخرّب المحاريب الّتي كانت في بلاد العجم من زمن أصحاب الأئمّة من الأفاضل المحقّقين الماهرين في الفنّ الرياضي كفضل بن شاذان الّذي صنّف رسالة في قبلة البلدان سمّاها ازاحة العلّة في معرفة القبلة.
ومن المعلوم : أنّ هذا تبعيد عن الحقّ في أمر يدرك بالحسّ ، فكيف يعتمد على
______________________________________________________
* لو نسب الغلط إلى نفسه أصاب وخلص من محذور ذلك ، لأنّه قد ثبت عنهم عليهمالسلام أنّه إذا اختلف اثنان من شيعتهم في حكومة يرجعان إلى حاكم منها يعرف شيئا من قضاياهم وأحاديثهم ويجب الرضا بقوله (٤) فبعد ذلك كيف لا يجب على المجتهدين الرجوع إلى مجتهد مثلهم؟ والعقل أيضا يقضي برجحان ذلك ، لأنّ المجتهد المرجوع إليه إذا اطّلع على كلاميهما ودليليهما يتبيّن عنده الطرف الراجح ويقرب قوله من الصواب. ويكون ثبوت هذا الحكم بالطريق الأولى فيما إذا كان الخصمان غير مجتهدين ، لأنّ مع الاطّلاع على الحجّة يتّضح الصواب من الخطأ. فأيّ غلط حصل من العلّامة في هذا الحكم حتّى يجترى عليه بالغلط!
** إنّ ما نقل عن العلّامة إن صحّ أنّه بهذه الصورة لا يخطر ببال عاقل عرف حال العلّامة وجلالة قدره وفضله أنّه أراد بذلك الرأي الناشئ عن غير دليل كرأي العامّة الظاهر لأدنى عارف عدم جوازه ونهاية ذمّه ، بل أراد الرأي الناشئ عن الاجتهاد والاستنباط من القواعد المقرّرة والاصول عن الأئمّة عليهمالسلام. ونفيه لوجدان النصّ والأثر ـ ولا شكّ أنّ المراد بهما الصريح ـ صريح في ذلك ؛ على أنّ معنى الرأي هو ما كان مرجعه الرويّة والفكر ، وكلّ حكم لا بدّ قبله من حصول ذلك ، لكن لمّا كانت العامّة أطلق عليهم الحكم بالرأي المذموم وحصل الإنكار عليهم بذلك كما حصل على العمل بالقياس صار نسبة الحكم إلى الرأي مستهجنا. لكن بعد الفرق لا محذور فيه.
__________________
(١) راجع نهاية الوصول ( مخطوطة ) : ٢٢٠ س ٣١.
(٢) المسالك ٤ : ٢٧٦ ، وراجع التذكرة ٢ : ١٨٢ س ١٨.
(٣) راجع جامع المقاصد : ٢ : ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) الوسائل ١٨ : ٤ ، ح ٥.