أن يعتمد عليه لا ما نسبه العلّامة إليه. وأمّا اهتمام القدماء بالبحث عن أحوال الرجال فمن الجائز أن يكون طلبا لتكثير القرائن وتسهيلا لسبيل العلم بصدق الخبر وكذا اعتناؤهم بالرواية فإنّه محتمل لأن يكون رجاء للتواتر وحرصا عليه. وعلى هذا تحمل روايتهم لأخبار اصول الدين ، فإنّ التعويل على الآحاد فيها غير معقول (١) انتهى ما أردنا نقله من كتاب المعالم.
وأقول : قدماء أصحابنا الأخباريّين بريئون عمّا نسبه الفاضل العلّامة إليهم من أنّهم كانوا يعتمدون في اصول دينهم وفروعه على مجرّد خبر الواحد المظنون العدالة (٢) وكأنّه وقع في هذا التوهّم من عبارة الشيخ الّتي حكاها المحقّق (٣) وكيف يظنّ بهؤلاء الأجلّاء الّذين أدركوا صحبة الأئمّة عليهمالسلام وتمكّنوا من أخذ الأحكام منهم بطريق القطع واليقين ومن استعلام أحوال تلك الأحاديث الّتي عملوا بها واعتمدوا عليها في عقائدهم وأعمالهم مثل هذه المساهلة الشنيعة في دينهم؟ وكثيرا ما يقع عن هذا الفاضل وأتباعه ما لا ينبغي من الدعاوى من باب الغفلة والعجلة وقلّة التأمّل في أسرار المسألة ، وليس قصدي من هذا الكلام القدح في فضله رحمهالله أو في تقواه ، لكن قصدي تنبيه من لا تحقيق له من الأفاضل فإنّهم يحسبون أنّ كلّ من زاد تبحّره زاد تحقيقه ، فيقلّدون العلّامة في الاصول والفروع. ولو لم يكن إظهار هذا المعنى واجبا عليّ لما أظهرته لكن قطعت بوجوبه ، والله مطّلع على سرائر عباده ومن تتبّع أحاديث أصحابنا المتعلّقة باصول الدين واصول الفقه وتتبّع ما في كتب الرجال من سيرة قدماء أصحابنا بنظر الاختبار والاعتبار لقد قطع بأنّ الأخباريّين من أصحابنا لم يعوّلوا في اصول الدين وفروعه إلّا على الأخبار المروية عن الأئمّة عليهمالسلام البالغة حدّ التواتر المعنوي أو المحفوفة بقرائن توجب العلم بورودها عن المعصوم ، وخبر الواحد الخالي عن القرائن يوجب الاحتياط عندهم ولا يوجب
__________________
(١) معالم الدين ١٩٧ ـ ١٩٩.
(٢) تقدّمت حكاية النسبة عن نهاية العلّامة في أوّل الفائدة ، راجع نهاية الوصول ( مخطوط ) : ١٤٧.
(٣) راجع معارج الاصول : ١٤٧.