وذكر الإمام المحقّق قدوة المقدّسين المحقّق الحلّي قدسسره في مختصره في الاصول : أمّا ما يفتقر إلى اجتهاد ونظر ، فإنّه يجب على المجتهد استفراغ الوسع فيه فإن أخطأ لم يكن مأثوما.
وذكر : يجب على من ليست له أهليّة الاجتهاد أن يستفتي المجتهد فيما ينزل به من المسائل النظريّة (١).
وذكر في أوائل كتاب المعتبر ـ شرح المختصر ـ الفصل الثالث في مستند الأحكام ، وهي عندنا خمسة الكتاب والسنّة والإجماع ودليل العقل والاستصحاب.
أمّا الكتاب : فأدلّته قسمان : النصّ والظاهر.
والنصّ : ما دلّ على المراد منه من غير احتمال ، وفي مقابلته المجمل. وقد يتّفق اللفظ الواحد أن يكون نصّا مجملا باعتبارين ، كقوله تعالى : ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (٢) نصّ باعتبار الاعتداد ، مجمل باعتبار ما تعتدّ به.
وأمّا الظاهر : فهو اللفظ الدالّ على أحد محتملاته دلالة راجحة لا ينتفي معها الاحتمال ، وفي مقابلته المؤوّل. والظاهر أنواع :
أحدها : ما كان راجحا بحسب العرف كدلالة الغائط على الفضلة.
وثانيها (٣) ما كان راجحا بحسب الشرع كدلالة لفظ الصوم على الإمساك عن
______________________________________________________
لما ثبت في باب وجوب اللطف من وجود الإمام في كلّ عصر ليؤمن الاجتماع على الخطاء ، فمتى فرض حصول الإجماع من علماء العصر على قول علم أنّه حقّ بدليل العقل ، للقطع بدخول الإمام في جملتهم ولا يحتاج ذلك إلى نقل عن الإمام تفصيلا ولا إجمالا ، وبهذا حصلت المغايرة بينه وبين الخبر ، إذ لا بدّ من اعتبار النقل فيه تفصيلا أو إجمالا.
إذا عرفت هذا تجد كلام المصنّف ليس له محصّل في منع ذلك رأسا وعدم إمكانه. نعم ، إن كان حصوله عزيزا فمسلّم (٤) ولكن كلامه غير ذلك. وتهوّره في الإقدام على هذه الدعاوي عجيب! وما ذاك إلّا لشدّة اعتقاده الكمال وتفرّده بالمعرفة في نفسه ، وهو أقبح الخصال.
__________________
(١) معارج الاصول : ١٨٠ ـ ١٨١.
(٢) البقرة : ٢٢٨.
(٣) ط والمصدر : الثاني ... الثالث ... الرابع.
(٤) في الأصل : « فم » ويحتمل أن يكون رمز « فممنوع ».